EL-sew3a
EL-sew3a
EL-sew3a
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةشبكة السوعهأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير القران الكريم كامل

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3 ... 5, 6, 7 ... 10, 11, 12  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:24 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
50
((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ )) إستفهام إنكاري، أي هل يبغى هؤلاء اليهود حُكم الجاهلية والمراد بها جاهلية البشر التي لا يرجع حكمهم فيها إلى قانون ثابت بل تحكم الأهواء والقبليات والعصبيات وما أشبه فكل من يبتغي حكماً غير حكم الله فإنه يبتغي حكم الجاهلية حتى إذا كان الحاكم أكثرية برلمانية ((وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا ))، أي ليس هناك حُكم أحسن من حكم الله ((لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) بالله واليوم الآخر، فإنهم يعلمون أنّ حُكم الله أحسن الأحكام لأنه خالٍ عن جميع الإنحرافات التي تصيب حُكم البشر .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
51
وبعدما بيّن سبحانه إنحراف اليهود وضلالهم ذَكَرَ سبحانه هنا عدم جواز إتخاذهم أو النصارى أولياء في سبب النزول أنه لما كانت وقعة أُحُد إشتدّ الأمر على طائفة من الناس فقال رجل من المسلمين : أنا ألحق أنا ألحق بفلان اليهودي وآخذ منه أماناً، وقال آخر : أنا ألحق بفلان النصراني فآخذ منه أماناً فنزلت الآية ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء)) فلا تصادقوهم مصادقة الولي لوليّه والحميم لحميمه ((بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ )) فإنّ بعضهم ينصر بعضاً ويعينه عليكم ، وقد ظهر إنطباق كلامه سبحانه على الخارج طيلة أربعة عشر قرناً فإنّ اليهود والنصارى لم يزالا ينصر أحدهما الآخر على المسلمين على ما بينهما من العداء والبغضاء ((وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ ))، أي يصادقهم وينتصر بهم ويجعلهم أولياء له من المسلمين ((فَإِنَّهُ مِنْهُمْ )) كافر عملاً، من أهل النار، خطر على المسلمين ، وقد شاهدنا ذلك في هذا القرن الأخير حيث أنّ المسلمين الذين تولّوا الكفار كانوا من أخطر الناس على الملسمين، وكانوا في زمرة الكفار ينصرونهم وينتصرون بهم ((إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) الذين يظلمون أنفسهم بعدما علموا وعرفوا فإنه سبحانه لا يلطف بهم ألطافه الخفيّة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
52
وبعد هذا القرار الجازم الذي دلّ عليه منطق التاريخ السابق على الإسلام حيث أنّ كل موالٍ لابد وأن يكون هواه مع موالاته لا مع مجتمعه والذي نُهي عنه صريحاً ((فَتَرَى )) يارسول الله ((الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ))، أي شك ونفاق، وقد قال إبن عناس : أنّ المراد بذلك عبد الله إبن أُبَيْ ، أنّ عبادة بن الصامت الخزرجي أتى إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يارسول الله إنّ لي أولياء من اليهود كثيراً عددهم قوية أنفسهم شديدة شوكتهم وأنا أبرء إلى الله ورسوله من ولايتهم ولا مولى لي إلا الله ورسوله، فقال عبد الله بن أُبَيْ : لكن لا أبرء من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر ولابد لي منهم، ثم أنه شبّه النفاق بالمرض لأنّ كليهما موجب لانحراف الإنسان، فالمرض يوجب إنحراف مزاجه، والنفاق يوجب إنحراف سلوكه المبعوث من إنحراف روحه ((يُسَارِعُونَ فِيهِمْ ))، أي في تولّي أهل الكتاب واتخاذهم أولياء، ولعلّ الإتيان بلفظة (يسارعون) لإفادة أنهم يتولونهم بغير ما ظهر من علائم الإحتياج فإنهم يحتاطون باتخاذهم أولياء لئلا يأتي يوم يحتاجون إليهم وذلك أسوأ حالاً ممن يواليهم إذا ظهرت علامة هزيمة في المسلمين ((يَقُولُونَ ))، أي قائلين لتبرير موقفهم ((نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ ))، أي دوران الفلك الموجب لتعلية الكفار على المسلمين فإنّا نتّخذهم من الآن أولياء لنكون في أمان إذا دارت الدائرة ((فَعَسَى اللّهُ ))، أي لعلّ الله ((أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ )) للمسلمين بأن يفتحوا بلاد الكفار ويكون الغلب لهم على الكفار ((أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ )) غير الفتح من إعزاز المسلمين وتكثير عددهم وجلاء الكفار ((فَيُصْبِحُواْ ))، أي يصبح هؤلاء المنافقون الذين والوا الكفار خوف عزّة الكفار ودوران الدائرة على المسلمين ((عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ )) من موالاة اليهود تمنّي الغلبة لهم، ولعلّ ذِكر (أسرّوا) مع أنهم أعلنوا من ولائهم خوف الدائرة لإفادة أنهم كانوا أسرّوا أشياء كثيرة في أنفسهم كما هو شأن النفاق والمنافق ((نَادِمِينَ)) وليس ندمهم من جهة الحق بل من جهة أنهم خسروا الطرفين المسلمين لأنهم عرفوا نفاقهم والكفار لأنهم هُزموا ورُدّوا .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
53
((وَ)) إذ قسم الله الفتح للمؤمنين أو أتاهم بأمر من عنده ((يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ )) إيماناً صادقاً يقولون متعجبين عن نفاق المنافقين واجترائهم على الله بالأيمان الكاذبة ((أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ ))، أي هل هؤلاء المنافقون الذين إنكشفت حقائقهم هم الذين حلفوا بالله ((جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ))، أي جهدوا جهد أيمانهم، بمعنى حلفوا بأغلظ الأيمان ((إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ))، أي مع المؤمنين في صدق الإيمان والمناصرة، كيف حلفوا بتلك الأيمان المغلظة، وقد ظهر نفاقهم خلال المعركة الحاسمة الموجبة لترجيح كفة المسلمين، فإنّ النفاق لا يظهر جيداً إلا في المعارك والمجازف، وهناك حيث عرف المسلمون حقيقتهم تعجّبوا من إيمانهم المزيّف وأيمانهم الغليظة الكاذبة التي بها أرادوا دعم أيمانهم وإدخال أنفسهم في زمرة المؤمنين ((حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ )) جملة مستأنفة، أي إنّ المنافقين ضاعت أعمالهم الإيمانية بسبب النفاق أو أنهم ضاعت مساعيهم في مصانعة الطرفين بسبب إنهزام الكفار فلا ظهر لهم وكشف باطنهم على المسلمين فيتجنّبون عنهم ((فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ)) دنيا وآخرة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
54
ثم بعدما بيّن مضرّة النفاق توجّه السياق إلى المؤمنين مبيّناً لهم أنهم إن إرتدّوا فلا يظنوا أنّ ذلك يضر دين الله سبحانه فقد وكّل الله بدينه -في كل دور- أناساً يقومون بشرائط الإيمان، فالمرتد إنما يضر نفسه لا أنه يضر دين الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ)) إرتداداً إلى الكفر أو إلى النفاق، فإنّ إنقلاب الباطن عن الإسلام هو نوع من الإرتداد أيضاً ((فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )) فهو ذو صلة بهم وهم ذووا صلة به سبحانه، ولعلّ الإتيان بكلمة (سوف) لئلا يظنون أنّ في تأخير الأمر إنقطاعاً وإنفصاماً للإيمان، بل قد يتأخر مجيء الصلحاء بعد إرتداد قسم من الناس عن الإيمان ((أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )) أذلّة من الذِل بكسر الذال ضد الصعوبة، وقد يكون من الذُل بضم الذال ضد العزّة ((أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ))، أي يكونون ليّنين على المؤمنين غلاظ شداد على الكافرين، وإنما كان ذلك مدحاً لأنّ اللين مع الكافر موجب لبقاء الكفر، بخلاف إظهار الشدة الذي يوجب جمع الكفر على نفسه وإنكماشه وعدم تعدّيه إلى المؤمنين الضعاف كما قال سبحانه في آية أخرى (أشداء على الكفار رُحماء بينهم) ((يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ )) لإعلاء كلمته ((وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ )) فإنّ الجهاد يلازم لوم اللائمين من المؤمنين ومن الكافرين، أما الثاني فواضح وأما الأول فلأنّ الآراء غالباً تختلف وذلك بسبب لوم بعضهم لبعض كما هو المشاهد المحسوس، وكثير من الناس يمنعهم عن الجهاد والإقدام لوم اللائمين لا صعوبة الجهاد، وقد نزلت هذه الآية في علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه الأكرمين وإن كانت عامة وإن كانت عامة بحسب اللفظ كما هو شأن آيات القرآن غالباً، ولعلّ وجه قوله (يأتي) مع أنّ الإمام (عليه السلام) كان حاضراً وقت النزول إعتبار الوصف، أي قوله (يجاهدون)، تقول : سوف آتي بشخص يفعل كذا، تريدان الفعل (سوف) لا أنّ الشخص (سوف) ((ذَلِكَ )) المذكور في أوصاف القوم من محبة الله لهم ومحبتهم لله ولينهم للمؤمنين وصعوبتهم على الكافرين وجهادهم بدون خوف اللوم ((فَضْلُ اللّهِ )) حيث تفضّل عليهم بهذه الصفات وهداهم إلى الحق ((يُؤْتِيهِ ))، أي يُعطي هذا الفضل ((مَن يَشَاء )) ممن كان قابلاً وأهلاً ((وَاللّهُ وَاسِعٌ )) فضله فلا يخاف نفاده إن أعطى أحداً ((عَلِيمٌ)) بموضع فضله وجوده .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:25 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
55
ولما ذكر سبحانه أنه لا يجوز أن يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء بيّن ولي المؤمنين وإنّ اللازم أن يتّخذوا الله ورسوله ومن نصبه وليّاً، وقد أجمع المفسّرون بأنّ هذه الآية نزلت في علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد يُقال أنّ الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) ليسوا بمشمولين للآية، والآية حاصرة حيث قالت (إنما) والجواب من وجهين : الأول : إنّ الآية حصرت الأمر في وقت النزول وكانت ولايتهم (عليهم السلام) بعد ذلك، والثاني : وهو الأصح أنّ ولاية الأئمة من ولاية علي (عليه السلام) كما لو قال : والي بلدكم فلان، فإنّ من عيّنه الوالي للأمور كان إمتداداً لولاية فلان ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ )) إنّ له الولاية المطلقة والسلطنة الكاملة من جميع الجهات عليكم ((وَرَسُولُهُ )) محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ )) المتّصفون بكونهم ((الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ))، أي الصدقة ((وَهُمْ رَاكِعُونَ)) وقد روت العامة والخاصة أنّ هذه الآية نزلت في علي أمير المؤمنين (عليه السلام) لما تصدّق بخاتمه وهو في الركوع، وفي بعض الأخبار أنه كان تصدّق قبل ذلك أيضاً في صلاة أخرى بحملة قيمتها ألف دينار أرسلها النجاشي إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأهداها إلى علي (عليه السلام) .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
56
ثم ذكر سبحانه أنّ في تولّي هؤلاء النجاح والغلبة فمن ظنّ أنّ في تولّي غيرهم النجاح فقد إشتبه ودلّ التاريخ أنه كلما إلتزم المسلمون بهؤلاء نجحوا وتقدّموا وكلما تولّوا غيرهم خسروا وتأخّروا ((وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ ))، أي يتّخذه سبحانه وليّاً يأتمر بأوامره وينتهي عن زواجره ((وَرَسُولَهُ)) يقتدي به في أعماله وأقواله ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ )) علي والأئمة (عليهم السلام) -حسب النزول- أو كل مؤمن حسب العموم في مقابل إتخاذ الكفار أولياء ((فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ )) جنده وجماعته ((هُمُ الْغَالِبُونَ)) على من سواهم من الأحزاب والجنود، وفي قطع قوله (فإنّ حزب الله) عن الجملة السابقة، إذ لم يقل فإنهم الغالبون، إفادة أنّ المتولّي يُعد من حزب الله وجماعته، فليس الأمر من ناحية العبد فقط، بل من ناحية الله أيضاً .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
57
قد نُهي المسلمون عن إتخاذ اليهود والنصارى أولياء، ثم الآن يأتي السياق لينهي عن إتخاذ أي كافر أو كتابي -ولو لم يكن يهودياً أو نصرانياً- وليّاً، وقد ورد في سبب النزول أنّ زيد بن التابوت وسويد بن الحرث قد أظهر الإسلام ثم كان رجال من المسلمين يوادّونها فنزلت هذه الآية، ولو كان الأمر كذلك، فالمراد بمن ذُكر في الآية أعم من المنافق ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا ))، أي مسخرة وملعبة، وذلك بأن أظهروا الإسلام باللسان وأبطنوا الكفر بالجنان، أو المراد جعله سخرية ولعب يستهزؤون به ((مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ))، أي أنزل عليهم الكتاب ((مِن قَبْلِكُمْ )) وهم أهل الأديان السابقة على الإسلام ((وَ)) من ((الْكُفَّارَ )) المراد بهم الأعم من المنافقين -كما سبق- ولا يخفى أنّ الكفار أعم من أهل الكتاب لكن إذا ذُكروا في كلام كان المراد بالكفار غيرهم ((أَوْلِيَاء )) تقولونهم كاتخاذ المؤمنين لله ورسوله أولياء ((وَاتَّقُواْ اللّهَ )) فلا تخالفوه ((إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) به وبما أمر به .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
58
((وَإِذَا نَادَيْتُمْ )) أيها المؤمنون ((إِلَى الصَّلاَةِ ))، أي دعوتم إليها ((اتَّخَذُوهَا ))، أي إتّخذوا الصلاة ((هُزُوًا وَلَعِبًا )) مهزلة وملعبة فيتضاحكون ويتغامزون منها -كما هي عادة منافقي اليوم أيضاً- ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ))، أي ذلك الإستهزاء بالصلاة بسبب أنّ الكفار ((قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ)) منافع الصلاة وأنها موجبة للنجاة من النار .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
59
وجاء قوم من اليهود يسألون الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عمن يؤمن به من الرسل فقال : "أؤمن بالله وما أُنزل إلى غبراهيم وإسماعيل وإسحاق -إلى أن ذَكَرَ- عيسى (عليه السلام)" فلما سمعوا ذلم منه جحدوا نبوّته وقالوا : ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم، فنزلت ((قُلْ )) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأهل الكتاب ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا ))، أي تسخطون علينا ((إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ )) إيماناً لا يشوبه كفر - كإيمانكم- ((وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا )) يعني القرآن الحكيم ((وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ )) على جميع الأنبياء ((وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ)) فإنّ فسقكم، أي خروجكم عن دين الله هو الذي سبّب النقمة علينا، وهذا كقولهم : هل تنقم منّي إلا أنّي عفيف وأنك فاجر، أو إلا أني كريم وأنت بخيل، فهو من باب الإزدواج يُحسن في الكلام لتعميم المقابلة فهو عطف على قوله (أن آمنّا) .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
60
((قُلْ )) يارسول الله لهؤلاء المستهزئين ((هَلْ أُنَبِّئُكُم ))، أي أُخبركم ((بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ ))، أي إن كان إيماننا شراً عندكم فأنا أخبركم بشَرٍّ من ذلك ((مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ ))، أي جزاءاً من عنده سبحانه، وسمّي (مثوبة) إستهزاءاً منهم، وإنما سمّي ما عند المؤمنين شراً -وإن لم يكن ما للمؤمنين إلا الخير- للمقابلة في الكلام ((مَن لَّعَنَهُ اللّهُ ))، أي طرده عن رحمته، فلعنة الله لكم من شر إيماننا نحن ((وَغَضِبَ عَلَيْهِ )) بسبب عصيانه وتمرده عن الحق ((وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ)) جمع قرد، كما قال سبحانه (قُلنا لهم كونوا قِرَدةً خاسئين) ((وَالْخَنَازِيرَ )) بأن مسخهم على صور هذين الحيوانين النجسين ((وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ )) عطف على قوله (لعنة الله) والطاغوت هو العِجل الذي عبدوه ((أُوْلَئِكَ )) اليهود الذين هذه صفاتهم ((شَرٌّ مَّكَاناً ))، أي إنّ مكانهم في سَقَر الذي هو شرٌّ من مكان المؤمنين الذين نقموا منهم، وقد ذكرنا أنّ من قبيل هذا الكلام من باب المشاكلة اللفظية، وإلا فليس في مكان المؤمنين شراً ((وَأَضَلُّ ))، أي أكثر ضلالاً ((عَن سَوَاء السَّبِيلِ))، أي وسط الطريق .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:25 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
61
وحيث إبتدء الكلام بعرض المنافق وأهل الكتاب في صف واحد، ذَكَرَ سبحانه صفة من صفات المنافقين وأنهم كيف لا يؤثّر فيهم الوعظ والإرشاد ((وَإِذَا جَآؤُوكُمْ ))، أي جائكم المنافقون ((قَالُوَاْ آمَنَّا )) إيماناً كإيمانكم ((وَ)) لكنهم في دعواهم ذلك كاذبون إذ ((قَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ ))، أي بالكفر، كان الكفر مادة يحملونها معهم، فهم قد دخلوا بهذه المادة حينما دخلوا في المجلس، ثم خرجوا بهذه المادة كما دخلوا، لم تؤثّر فيهم الموعظة والبلاغ، حيث كانت قلوبهم إلى إخوانهم الكافرين لا معكم حتى تؤثّر فيهم الموعظة ((وَاللّهُ أَعْلَمُ )) منكم ((بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ))، أي يُخفون من الكفر والنفاق .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
62
ثم أنّ هؤلاء الكفار يجمعون مع كفرهم صفات أخرى ذميمة هي من مستلزمات الإنحراف أشار إليها بقوله تعالى ((وَتَرَى )) يارسول الله ((كَثِيرًا مِّنْهُمْ ))، أي من هؤلاء الكفار وهم الرؤساء وذووا الجاه والمنصب ((يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فيُسابق بعضهم بعضاً في فعل الإثم والتعدّي على الناس أنهم حيث لم يؤمنوا بالله وكانت ديانتهم -المزعومة- صورية يكون فكرهم إصطياد أكثر كمية من المال والجاه ولذا يتسابق بعضهم بعضاً في ذلك، إنّ الإثم لا أهمية له في نظرهم إذ لم يعمر قلوبهم الإيمان والتعدّي من شأن من يريد تعمير دنياه ((وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ)) كلّ مال حرام من رشوة وربا وأكل أموال اليتامى وأكل أموال الناس بالباطل ((لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) فإنّ أعمالهم توجب خِزي الدنيا والآخرة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
63
وهنا يتوجه السياق إلى العلماء والمتدينون منهم كيف يسكتون على هذه المنكرات البشعة التي ظهرت في اليهود، وما شأنهم إذا سكتوا عن كل تلكم الجرائم ((لَوْلاَ )) كلمة تحضيض بمعنى هلّا، أي : لماذا لا ((يَنْهَاهُمُ ))، أي ينهي هؤلاء الكثير الذين يسارعون في الإثم والعدوان ((الرَّبَّانِيُّونَ )) جمع ربّاني وهو منسوب إلى الرب على غير القياس، أي الإلهيّون الذين يتورّعون من خوف الله سبحانه ((وَالأَحْبَارُ )) جمع حبر بالكسر والفتح وهو العالم ((عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ )) وهو ما يقوله الإنسان بغير حق من كذب وغيبة ونميمة وتحريف وغيرها ((وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ )) من الربا والرشوة وغيرها، والسُحت هو أشدّ أنواع الحرام ((لَبِئْسَ مَا كَانُواْ ))، أي كان هؤلاء الربّانيّون والأحبار ((يَصْنَعُونَ)) فإنّ سكوتهم عن الباطل ومجاملتهم لأهله نوع من الصنع .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
64
ثم بيّن مثل سبحانه لقولهم (الإثم) مثلاً بقوله ((وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ )) لا يُنفق رزقاً ولا يُعطي شيئاً كأنهم قالوا ذلك تبريراً لموقفهم البخلي، فإنّ الله لو كان لا يُنفق فأجدر بهم أن لا يُنفقوا، وقيل أنّ سبب نزول هذه الآية أنّ اليهود كانوا من أكثر الناس مالاً وسِعة، فلما جاء الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكذّبوه ضيّق الله عليهم فقال أحد اليهود وهو "فخاض" أنّ يد الله مغلولة فردّ الله عليهم ((غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ )) دعاء عليهم بأن تُغلّ أيديهم عن الخير، أو إخبار عنهم بأنّ اليهود بُخلاء لُئماء، أي أنهم غُلّت أيديهم لا الله سبحانه ((وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ )) لعنهم الله وطردهم عن رحمته بسبب هذه المقالة ((بَلْ يَدَاهُ ))، أي يدا الله سبحانه ((مَبْسُوطَتَانِ )) كناية عن جوده وإعطائه، وإنما جاء بذِكر اليد وذَكَر (يداه) لإفادة تمام معنى الجود ((يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء )) فليس في تضييقه على اليهود دليل على أنه مغلول اليد بل إنما يُنفق سبحانه كيف يشاء حسب الحكمة والمصلحة، ثم ذَكَرَ سبحانه أنّ نزول القرآن وفضحهم يزيد كثيراً من اليهود إنحرافاً ((وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم ))، أي كثيراً من اليهود -وإنما لم يذكر كلهم لأنّ بعضهم لا يعنيه الأمر وبعضهم يسبّب القرآن هدايتهم- ((مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )) (ما) فاعل (يزيدنّ) و(كثيراً) مفعول مقدّم، أي أنّ طغيانهم وكفرهم يزداد بسبب القرآن، أما أنّ كفرهم يزداد فلأنه كلما أنكروا آية وحُكماً إزدادوا كفراً وستراً للحق، وأما أنّ طغيانهم يزداد فلأنهم يقاومون الدعوة أكثر فأكثر كلما رأوا تقدّمها أكثر ((وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ))، أي بين اليهود ((الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) فإنّ طبيعتهم المتخمّرة بحب الذات وبالإعتقاد بأنهم شعب الله المختار وبُخلهم في الأمور المادية لابد وأن توجد بينهم العداوة والحزازة -ماداموا يهوداً يعتقدون بهذه الإعتقادات السخيفة- فإنّ أسباب النزاع في العالم يدور على المنصب والمادة -غالباً- وهذان كامنان في كل يهودي، وقد دلّ التاريخ على صدق ذلك فاليهود دائماً متحاربون متباغضون حتى في (فلسطين) اليوم تقوم الأحزاب اليهودية والمنظمات بأبشع أنواع العداوة والبغضاء فيما بينها -أنظر كتاب (كُتب في إسرائيل)-، وقد مرّ سابقاً تفسير (إلى يوم القيامة) وأنه كناية عن بقاء الحكم ما دام اليهود موجودين ((كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ ))، أي كلما أرادوا محاربة المسلمين هزمهم الله ونصر المسلمين عليهم، وقد دلّ التاريخ على ذلك، فقد غلب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على يهود قريضة ونضير وخيبر وفدك وغيرها مع كثرة عددها وعُددها، وبعد ذلك لم يتمكن اليهود من محاربة المسلمين حتى في يومهم هذا في فلسطين إنما يسندون إلى (حبلٍ من الناس) ثم ما هي إلا فترة حتى تراها إنقشعت إنقشاع الضباب ((وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا )) فهم مفسِدون دائماً حيث يريدون العلو على الناس وجمع أموالهم، ومن المعلوم أنّ ذلك لا يتهيّأ لهم إلا بالإفساد -أنظر كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون)- ((وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ))، أي يكرههم، إذ ملازمة بين عدم حبّه وكراهته، فإنّ كلّ مُصلح محبوب وكل مُفسِد مكروه .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
65
((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ )) إيماناً بما أنزل الله وتقوى من معاصي الله ((لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ))، أي سترنا سيئاتهم الماضية لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله ((وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ))، أي التي فيها أنواع النِعَم والكرامة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:25 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
66
((وَلَوْ أَنَّهُمْ ))، أي أهل الكتاب ((أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ))، أي عملوا بما فيها بدون تحريف وزيادة ونقيصة ((وَ)) أقاموا ((مَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ ))، أي القرآن، وكونه مُنزَلاً إليهم باعتبار نزول بين أوساطهم وفي زمانهم ((لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ ))، أي السماء، فإنه سبحانه يُنزِل السماء مدراراً لمن آمن واتّقى ((وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم )) باعطاء الأرض خيرها وبركتها، كما قال سبحانه (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) ((مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ))، أي من هؤلاء الكتاب جماعة معتدلون في العمل لا غلو عندهم ولا تقصير، كما نجد أنّ كلّ أمة بعضهم معتدلون وبعضهم متطرفون، أو المراد بهم الذين آمنوا بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإطلاق (منهم) على أولئك باعتبار الماضي (( وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ))، أي أنّ أكثرهم متطرفون يعملون الأعمال السيئة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
67
((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ )) هذه الآية نزلت بمناسبة إستخلاف الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علياً خليفة من بعده -كما أجمع عليه المفسرون- وقد كان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يخشى المنافقين من ذلك فبيّن سبحانه عظم الأمر بقوله ((وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ ))، أي لم تبلّغ خلافة علي (عليه السلام) ((فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )) حتى أنّ كل الرسالة رهن هذا التبليغ، وذلك واضح إذ عدم الإستخلاف معناه ذهاب جميع الأتعاب سُدى، وقد أمّنه الله سبحانه مما كان يخشى منه فقال ((وَاللّهُ يَعْصِمُكَ ))، أي يحفظك ((مِنَ النَّاسِ )) فلا يتمكنون من الفتنة والإنقلاب والإيذاء مما كان يخشاه الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وحين ذاك وعند منصرف الرسول من حُجّة الوداع في وسط الصحراء أمَرَ بنصب منبر له وخطب خطبة طويلة بليغة، ثم أخذ بكف علي (عليه السلام) وقال : "مَن كُنتُ مولاه فهذا علي مولاه اللهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله ..(إلخ)" وأنشد حسّان :



يناديهم يوم الغدير نبيّهم بخُمٍّ وأسمِع بالرسول مناديا
(الأبيات)
((إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) الذين يكفرون ببلاغك، ومعنى (لا يهديهم) أنه لا يلطف بهم اللُطف الزائد بعدما أعرضوا عن الحق عناداً واستكءاراً، ولعلّ الإرتباط بين الآية وطرفيها أنه كما أنّ الناس مأمورون بالقبول الرسول مأمور بالبلاغ، مع تلطيف جو الكلام، بتغيير الإسلوب في وسط المطلب، تفنّناً في البلاغ وتنشيطاً للأذهان كما تقدّم في آيات أُخر متشابهة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
68
((قُلْ )) يارسول الله لأهل الكتاب ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ )) من الدين الصحيح الذي إرتضاه الله لعباده ((حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )) بالعمل بما فيها بدون تحريف أو تحوير ((وَ)) تقيموا ((مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ )) يعني القرآن، وقد سبق وجه قوله (أنزل إليكم) وأنه لجهة نزول القرآن في أوساطهم ((وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )) فعوض أن يهتدوا بالقرآن يزيدهم طغياناً حيث كلما رأوا القرآن تصمّموا على مقابلته وكفروا بكل ما ينزل منه، ولا يخفى أنّ نسبة الزيادة إلى القرآن مجاز وإلا فهوى نفسهم هو الذي يزيدهم كفراً ((فَلاَ تَأْسَ ))، أي فلا تحزن يارسول الله ((عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) الذين كفروا بعدما علموا الحق وأعرضوا عن الهدى بعد أن رأوه وعرفوه .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
69
وحيث تقدّم أنّ الله لا يهدي القوم الكافرين مما كان يوهم أنّ الكفار غير قابلين للهداية، ذَكَرَ سبحانه أنهم إن آمنوا -الملازم لإمكان الإيمان منهم- كان لهم ما لغيرهم من المؤمنين من الأجر والمثوبة ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ )) إيماناً ظاهراً بالشهادتين ((وَالَّذِينَ هَادُواْ ))، أي اليهود ((وَالصَّابِؤُونَ )) وهم قسم من المسيحيّين أو غيرهم -كما تقدّم في سورة البقرة- ورفع (الصابئون) مع أنه عطف على المنصوب بـ (إنّ) للإلفات إلى أنّ الصابئ الذي لا يُرجى فيه خير إن آمن قُبِل فكيف بغيره، فهو معطوف على محل إسم (إن) حيث كان مبتدءاً قبل دخول الناسخ ((وَالنَّصَارَى )) ليس إعتبار بأساميهم وصبغتهم العامة في النجاة والثواب بل ((مَنْ آمَنَ)) منهم ((بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )) إيماناً حقيقياً من القلب لا يشوبه شرك ونحوه ((وعَمِلَ صَالِحًا ))، أي عمل عملاً صالحاً ((فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) لا في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الآخرة فواضح، وأما في الدنيا فلأنّ الخوف الحقيقي والحزن الواقعي هو الذي لا يُرجى دفعه وتداركه، بينما خوف هؤلاء وحزنهم ليس كذلك فإنّ خوف المؤمن ليس كخوف الكافر وكذلك بالنسبة إلى الحزن .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
70
إنّ اليهود لم يكن لهم إيمان صادق من يومهم الأول، فكيف تأسَ عليهم يارسول الله إن لم يؤمنوا بك فـ ((لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ )) عهدهم الأكيد حول الإيمان بالله وأنبيائه وإتّباع أوامره ((وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً )) يهدوهم إلى الحق لكنهم نقضوا وخالفوا الأوامر وتجرّأوا على أبشع جريمة فـ ((كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ )) ولا تميل إلى ما جاء به بأن لم يكن يوافق مرادهم ((فَرِيقًا )) من الرُسُل ((كَذَّبُواْ )) كالمسيح (عليه السلام) حيث نسبوهم إلى الكذب وأنهم ليسوا من قِبَل الله سبحانه ((وَفَرِيقًا )) من الرسول ((يَقْتُلُونَ)) كزكريا (عليه السلام) .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
71
((وَحَسِبُواْ ))، أي ظنّ هؤلاء اليهود الذين كذّبوا الأنبياء وقتلوهم ((أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ ))، أي لا يسبّب قتل الأنبياء وتكذيبهم فتنة كما هو شأن كل من يُقدم على جُرم كبير أنه يظن أنّ الأوضاع تبقى على ما يشتهي منتهى الأمر صدّ عن بعض شهواته يُزال ويُمحى عن الوجود مع أنّ الأمر بالعكس، فإنّ بقاء الإجتماع سليماً عن الأخطار والآفات إنما هو بانتهاج تعاليم الأنبياء' فإذا أُزيح النبي عن القيادة والتوجيه إما بقتله أو تكذيبه فإنه يحلّ بالمجتمع أشد الكوارث وتقع أعظم الفتن ((فَعَمُواْ وَصَمُّواْ )) عن مناهج الرُشد بقتلهم الأنبياء وتكذيبهم فإنّ الإنسان يبصر طريقه ويسمع الحق الذي ينفعه ما دام هناك نور يُضيء ومرشد يدعوا، أما إذا أزال النور وأزاح المرشد فإنه يعمى عن طريقه حتى يقع في المهلك، ويصم عن الحق حتى تحل به الكوارث ((ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ )) بإرسال أنبياء آخرين، والمراد التوبة على هذا الجنس لا خصوص من قتل منهم الأنبياء ((ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ )) أيضاً عن الحق بأن تركوا تعليم الأنبياء وأخذوا يتيهون في الضلالة ((كَثِيرٌ مِّنْهُمْ )) إذ بعضهم آمن واهتدى، ولفظة (كثير) بدل (بعض) عن كل لا فاعل ثانِ ((وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)) فيجازيهم على ما اقترفوا من الآثام واحتقبوا من الإجرام .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:26 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
72
هكذا كان حال اليهود حيث كفروا بعد أن أرشدهم الله الطريق، أما النصارى فإنهم كإخوانهم اليهود في العمى عن الحق بعد الرشاد ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)) وهؤلاء قالوا إنّ الله إتّحد بالمسيح فصار شيئاً واحداً، ولا يخفى أنّ الإتحاد غير معقول إذ لو بقي الشيئان إثنين بعد الإتحاد لم يكن إتحاد وإن عدم أحدهما كان واحداً وإن عدم الإثنان لم يكن شيء، ثم أنهم قالوا بأنّ المسيح هو الله بينما المسيح نفسه إعترف بأنه عبد الله ((وَ)) الحال أنه ((قَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ )) وحده ((رَبِّي وَرَبَّكُمْ )) فإنّا جميعاً عبيده ((إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ )) ويجعل له شريكاً سواء إعترف به وبالشريك أم إتخذ إلهاً غيره فإنه أيضاً من جعل الشريك لله ((فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ )) فلا بدخله فيها أبداً ((وَمَأْوَاهُ ))، أي مصيره ((النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ )) الذين ظلموا أنفسهم بالشرك ((مِنْ أَنصَارٍ)) ينصرونهم من بأس الله وعذابه .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
73
وهناك قسم آخر من النصارى جعلوا الآلهة ثلاثة ((لَّقَدْ كَفَرَ )) النصارى ((الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ))، أي أحد الآلهة الثلاثة وهم الأب -أي الله- والإبن -أي المسيح- وروح القدس، قالوا هذه الثلاثة واحد وذالك الواحد ثلاثة، وحين يطالبون بأنه كيف يمكن ذلك وهو تناقض؟، يقولون : أنه فوق مستوى عقولنا ولا يلزمنا معرفة الكيفية، وهناك سؤال هو أنه ما الفرق بينكم أنتم المسلين حيث بأنّ الله لا يُدرك كنهه وبين الذين قالوا أنّ مشكلة التوحيد والتثليث فوق مستوى عقولنا ؟ والجواب : إنّ الفرق من أوضح الواضحات إذ أولئك يقولون بما لا يمكن ولا يُعقل فإنه لا يمكن أن يكون الواحد ثلاثة والثلاثة واحداً، ونحن نقول بما هو موجود لكنه لا ندرك كنهه، وفرق بين ما لا يُعقل وما لا يُدرك ((وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ ))، أي ليس للكون غير إله واحد هو الله سبحانه ((وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ ))، أي لم يرجع هؤلاء النصارى القائلون بالتثليث ((عَمَّا يَقُولُونَ ))، أي عن مقالتهم وقولهم بالتثليث ((لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) في الدنيا والآخرة، وإنما لم يقل (ليمسّنّهم) لإفادة أنهم بمقالتهم هذه يكونون كفاراً تأكيداً لما سبق من قوله (لقد كفر) وهذا من أساليب البلاغة، يُقال : اترك هذا الأمر وإلا لسجنتُ الفاعل له، عوض أن يقول : لسجنتك، لإفادة أنّ علّة السجن هو الإتيان بذلك العمل .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
74
ثم استفهم سبحانه إستفهاماً تعجبياً، وقد تقرء في الأصول أنّ أمثال هذه الإستفهامات والتعجّبات إنما هي إنشاء مفهوم الإستفهام والتعجّب وأمثالهما لداعي آخر من ترغيب وإنكار وما أشبه، فليس إستفهامه ولا تعجبه عن جهل وتعجب -كما هو عندنا- ((أَفَلاَ يَتُوبُونَ )) هؤلاء اليهود والمسيحيّون ((إِلَى اللّهِ )) ويرجعون عن عقائدهم السخيفة وأقوالهم المفتعلة ((وَيَسْتَغْفِرُونَهُ)) لما مضى من كفرهم وعصيانهم (( وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) يغفر لهم إن تابوا واستغفروا ويرحمهم بفضله إن رجعوا وأبوا .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
75
وبعدما ذكر سبحانه أقوال المسيحيّين حول المسيح بيّن تعالى واقع المسيح وأنه ليس كما زعموا ((مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ))، أي ليس المسيح (عليه السلام)، وذكر إبن مريم لنفي كونه إبن الله -في العبادة- ((إِلاَّ رَسُولٌ )) فليس هو بإله ((قَدْ خَلَتْ ))، أي مضت وسبقت ((مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ )) فهو رسول كأحدهم، فكما ليس أولئك بآلهة، ليس هذا بإله ((وَأُمُّهُ )) مريم (عليه السلام) ((صِدِّيقَةٌ )) كانت كثيرة التصديق بالله وآياته، فليست هي آلهة كما زعم جماعة من المسيحيّين فقالوا بالأب والأم والإبن ((كَانَا )) المسيح وأمه ((يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ )) وذلم من صفات المخلوق لا الإله، إذ آكل الطعام محتاج إلى الطعام وله جوف وله أجزاء وله حالات، وكل ذلك ينافي كونه إلهاً ((انظُرْ )) يارسول الله ((كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ)) ونوضّح لهؤلاء النصارى ((الآيَاتِ)) الدالة على عدم كون المسيح إلهاً ((ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))، أي كيف يُصرفون عن الحق، يُقال : افكه يأفكه إفكاً، إذا صرفه، وأنّى بمعنى أين، أي إنهم أين يُصرفون عن الحق الموضّح بالآيات .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
76
((قُلْ )) يارسول الله لهؤلاء النصارى الذين يعبدون المسيح ويجعلونه إلهاً ((أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ))، أي غير الله ((مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا )) فإنّ شيئاً في الوجود لا يملك ضر أحد ولا نفعه إلا بإذن الله ومن ضرّ أو نفع بالوسائل العادية -كالقاتل والمعطي- أو بالوسائل الغيبية كالأنبياء والأئمة، فإنما ذلك حيث جعل الله المسبّبات تابعة لأسبابها الخاصة وسلّط الفاعل على الأسباب، فهي ترجع أيضاً إليه سبحانه ((وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ )) لأقوالكم ((الْعَلِيمُ)) لضمائركم وحركاتكم فاحذروا مخالفته كي لا تقعوا في عقوبته ونكاله .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
77
((قُلْ )) يارسول الله ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ )) أما عام يشمل اليهود والنصارى، فالمراد بغلو اليهود قولهم عُزير إبن الله وقولهم أنّ المسيح ليس نبيّاً فإنه غلو معكوس، أو المراد النصارى فقط ((لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ )) بأن تقولوا المسيح هو الله، أو ثالث ثلاثة، أو أنه إبن الله ((غَيْرَ الْحَقِّ )) عطف بيان، إذ كل غلو هو غير الحق ((وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ )) فإنّ أسلافكم لو ضلّوا في إعتقادهم وغلو فلماذا تتّبعونهم أنتم، إنهم كانوا من قبل وقد مضوا فما بالكم أنتم تقتفون أثرهم الباطل ((وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا )) من الناس فأوقعونهم في ضلال الكفر والشرك ((وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ))، أي الجادة المستقيمة، والتكرار إنما هو لإختلاف المتعلّق، فقد تعدّى أحدهما إلى (مِن قبل) وتعدّى الآخر إلى (عن سواء السبيل)، أو المراد بـ (القوم) كبارهم الذين كانوا قبل النبي قائلين بإلوهيّة عيسى وأدركوا فلم يؤمنوا، فإنهم ضلّوا من قبل بعثة النبي لقولهم التثليث وضلّوا بعد بعثته لكفرهم به (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:26 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
78
((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ )) فاللعنة عليهم من قديم الزمان حيث لم ينفكّوا يعملون القبائح ويكفرون بالأنبياء وينسبون إلى الله ما لا يليق به ((عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ )) النبي (عليه السلام) في الزبور ((وَ)) على لسان ((عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ )) في الإنجيل، فقد لعنهم داود (عليه السلام) لما إعتدوا في السبت فصاروا قِرَدة، ولعنهم عيسى (عليه السلام) لما كفروا بعد فصاروا خنازير ((ذَلِكَ )) اللعن إنما إستحقوه ((بِمَا عَصَوا ))، أي بسبب عصيانهم ((وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ))، أي يتجاوزون حدود الله سبحانه .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
79
ثم بيّن سبحانه بعض عصيانهم وإعتداءهم بقوله ((كَانُواْ ))، أي كان بني إسرائيل ((لاَ يَتَنَاهَوْنَ))، أي لا ينهي بعضهم بعضاً ((عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ )) فقد تفشّت فيهم المنكرات ولم يكن ينهاهم علمائهم فاستحقّ الجميع العقاب أولئك بإتيان المنكر وهؤلاء بسكوتهم عن فاعليه ((لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)) من إتيان المنكر وعدم التناهي عنه .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
80
((تَرَى )) يارسول الله أنّ تلك الطبيعة العاتية العاصية موجودة فيهم إلى الآن فإنّ ((كَثِيرًا مِّنْهُمْ))، أي من بني إسرائيل -اليهود- ((يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ))، أي يتّخذون الكفار أولياء لهم، فقد كانت اليهود تتولّى كفار مكة وتقول (هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) في حين يجب على المؤمن أن يعادي الكافر الذي لا يعترف بالله وقوانينه ((لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ ))، أي لهؤلاء اليهود ((أَنفُسُهُمْ ))، أي بئس ما قدّموا لمعادهم من الأعمال السيئة ((أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ )) محله رفع بـ (بئس)، فهو كزيد في قولك : بئس رجلاً زيد، أي بئس السخط الذي قدّموه لأنفسهم ((وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ)) فالسخط يؤذي روحهم -كمن يعلم أنّ السلطان غاضب عليه- والنار تُؤذي جسمهم، كما قال سبحانه في عكس (ورضوانٌ من الله أكبر) فإنّ اهل النار يُعذّبون عذابين وأهل الجنة يُنعّمون نعمتين .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
81
((وَلَوْ كَانُوا ))، أي هؤلاء اليهود ((يُؤْمِنُونَ بِالله )) إيماناً صادقاً ((وَ)) يؤمنون بـ ((النَّبِيِّ )) محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ )) من القرآن الحكيم ((مَا اتَّخَذُوهُمْ ))، أي لم يتّخذوا الكفار ((أَوْلِيَاء )) لهم، أو المراد أنهم آمنوا بموسى وكتابه إيماناً صادقاً لم يتّخذوا الكفار أولياء، إذ الإيمان بهما يمنع من ولاية الكافرين، فهم كاذبون في دعواهم أنهم مؤمنون بموسى وكتابه ((وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ))خارجون عن طاعة الله ورسوله وكتابه' فإنما يدّعون الإيمان باللسان وقلوبهم خراب من الإيمان .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
82
ثم ذكر سبحانه فرقاً بين اليهود والنصارى، وأنّ اليهود طبيعتهم العامة العناد والإستكبار والعداوة وأنّ النصارى ليسوا بتلك المثابة، إذ فيهم بعض المنصفين من العلماء، وما أصدق قوله سبحانه، فإنه نرى ذلك إلى اليوم، فقد نجد كثيراً من المسيحيّين يُسلمون ولا نجد إلا الشاذ النادر من اليهود يُسلمون ((لَتَجِدَنَّ )) يارسول الله ((أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ))، أي للمسلمين ((الْيَهُودَ )) فإنهم من أعدى أعداء المسلمين ((وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ))، أي المشركين فإنهم في رديف اليهود -وبعدهم في الرتبة- عداوة للمسلمين ((وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ )) أقرب الناس ((مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ))، أي حباً للمؤمنين ((الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى )) فإنهم وإن كانوا نصارى بصرف اللفظ (قالوا إنّا نصارى) لا إنهم على تعاليم المسيح ودينه حقيقة لكنهم من أقرب الناس للمسلمين ((ذَلِكَ ))، أي سبب كونهم أقرب ((بِأَنَّ مِنْهُمْ ))، أي من النصارى ((قِسِّيسِينَ ))، أي علماء من "القس" بمعنى نشر الحديث ((وَرُهْبَانًا ))، أي الزهّاد أصحاب الصوامع، من "رهب" بمعنى خاف ((وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)) عن إتباع الحق والإنقياد إليه إذا علموه وبهده الصفة خرج من لم يكن كذلك من النصارى فإنّ القيد يخصص المطلق .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
83
هذه الآية وطرفاها وردت في قصة النجاشي ملك حبشة، فإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أرسل جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) مع جماعة من المؤمنين إلى النجاشي فأكرمهم وأعزّ وفادتهم ثم أنه بعث إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثلاثاً من القسّيسين فقال لهم : أنظروا إلى كلامه ومصلّاه، فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله إلى الإسلام وقرء عليهم القرآن (وإذ قال الله ياعيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك-إلى قوله- سحر مبين)، فلما سمعوا ذلك من رسول الله بكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي وأخبروه خبر رسول الله وقرئوا عليه ما قُرء عليهم فبكى النجاشي وبكى القسّيسون وأسلم النجاشي ولم يُظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه وخرج من بلاد الحبشة يريد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلما عَبَرَ البحر توفي فنزلت هذه الآيات ((وَإِذَا سَمِعُواْ ))، أي هؤلاء النصارى ((مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ )) من القرآن ((تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ))، أي من البكاء ((مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ ))، أي لمعرفتهم أنّ المتلو عليهم حق، فإنّ الإسنان إذا عرف الحق رأى الخارج على خلافه أو رأى إضطهاد أهله بكى رقّة على الحق أو القائم به ((يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا )) بدينك ورسولك ((فَاكْتُبْنَا ))، أي سجّلنا سواء كان كتابة حقيقية أم لا ((مَعَ الشَّاهِدِينَ)) الذين شهدوا بالحق، والمراد بهم المسلمون هنا .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
84
((وَمَا لَنَا ))، أي يقول هؤلاء النصارى : لأيّ عذر ؟ ((لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ )) إيماناً حقيقياً كإيمان المسلمين ((وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ )) من القرآن والإسلام ((وَ)) الحال إنّا ((نَطْمَعُ ))، أي نرجو ونأمل ((أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا )) في الجنة ((مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ)) .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
85
وقد حقق الله لهم الرجاء الذي رجوه ((فَأَثَابَهُمُ اللّهُ ))، أي جازاهم وأعطاهم الثواب ((بِمَا قَالُواْ))، أي بسبب قولهم ذاك المنبثق عن عقيدتهم الراسخة (( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ))، أي بساتين تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار ((خَالِدِينَ فِيهَا ))، أي لهم الخلود فلا إنقضاء للنعيم ولا زوال لهم ((وَذَلِكَ )) الثواب ((جَزَاء الْمُحْسِنِينَ)) الذين يُحسنون العقيدة والقول والعمل .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:27 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
86
((وَالَّذِينَ كَفَرُواْ )) كاليهود وسائر المسيحيّين والمشركين ((وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا )) فلم يقبلوها ((أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)) الذين يلازمون النار كما خلد أصحاب الجنة فيها .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
87
وفي سياق ذكر الرهبان -وهم يحرّمون الطيّبات على أنفسهم- يأتي النهي للمسلمين عن تحريم ما أحلّ الله، كما ينهى عن الإسراف والإعتداء، فإنّ كلا الطرفين منهي عنه مذموم ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ ))، أي لا تجعلوها بمنزلة المحرّمات فتجتنبوا عنها إجتنابكم عن المحرّمات، ولفظة (ما) موصولة، أي طيبات الأشياء التي أحلّها الله لكم، ولعلّ الإتيان به لإفادة العموم، إذ لو قال (طيّبات أحلّ الله لكم) كان المتبادر منه طيّبات خاصة وليست إضافة طيّبات إلى (ما) تفيد التقييد، بل هو من باب "قطيفة خز" وقد نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مضعون، فأما علي (عليه السلام) فإنه حلف أن لا ينام الليل أبداً إلا ما شاء الله، وأما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبداً، وأما عثمان بن مضعون فإنه حلف أن لا ينكح أبداً -كل ذلك بقصد الإمتناع عن الشهوات الدنيا رجاء ثواب الله- فدخلت إمرأة عثمان على عائشة وكانت إمرأة جميلة فقالت عائشة : ما لي أراك متعطّلة ؟ فقالت : ولمن أتزيّن فوالله ما قربين زوجي منذ كذا وكذا فإنه قد ترهّب ولبس المسوح وزهد في الدنيا، فلما دخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخبرته عائشة فخرج فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : "ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطيّبات إنّي أنام بالليل وأنكح وأفطر بالنهار فمن رَغِبَ عن سنّتي فليس منّي" ، فقام هؤلاء فقالوا : يارسول الله فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله (لا يؤاخذكم الله) ، ولا يخفى أنّ مثل ذلك لا يضر مقام عصمة الإمام لأنه : أولاً : قُيّد بـ (إلا ما شاء الله)، وثانياً : إنه من قبيل (ياأيها النبي لِمَ تحرّم ما أحلّ الله لك) ولعل السر في المقامين أنّ الأمر كان جائزاً قبل النهي، ولفظة (لِمَ) ليس للتقريع بل للإرشاد وإعطاء الحُكم ((وَلاَ تَعْتَدُواْ )) حتى تُسرفوا في تنازل الطيّبات أو تعتدوها إلى الخبائث ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) قد تقدّم أنّ معنى (لا يحب) في هذه المقامات أنه يكرههم ويبغضهم .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
88
((وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا ))، أي في حال كون الرزق حلالاً -أي مباحاً- طيّباً، أي لا ضرر فيه ولا خبث ((وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ ))، أي بالله ((مُؤْمِنُونَ)) فلا تخالفوا أوامره ولا ترتكبوا زواجره .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
89
((لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ )) اليمين التي أجازها الله سبحانه تكون منعقدة وتترتّب على حنثها الكفّارة، أما اليمين اللفظية -كما تتداول في ألسنة الناس حيث يحلفون على كلّ صغيرة وكبيرة- واليمين التي لم يعطِ الله الرخصة في متعلّقها كيمين تحريم الطيّبات على النفس زهداً فهي لغو من اليمين لا تترتب عليها كفّارة ولا يكون نقضها حِنثاً ((وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ )) عن قصد وإعتماد مع صلاحية المتعلّق للإنعقاد، فقول الإنسان "لا والله" و"بلى والله" لغو لم يقصد به عقد اليمين، كما يُعقد العقد، بل من هو من قبيل التأكيد كما إنّ عقده بدون صلاحية المتعلّق لا يفيد شيئاً، وقد سبق ذلك في سورة البقرة لكن التكرار هنا فذلكة للحكم المتقدّم وتمهيد للكفّارة ((فَكَفَّارَتُهُ ))، أي كفّارة ما عقّدتم من الأيمان وسميّت الكفّارة كفّارة لأنها تكفّر الذنب وتستره وإنما تجب الكفّارة إذا حنث الإنسان مقتضى يمينه ((إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ )) جمع مسكين، والمراد به الفقير يُعطى كلّ واحد مدّاً من الطعام وهو ما يقرب من ثلاثة أرباع الوقيّة -بحقّة كربلاء- أو ثلاثة أرباع الكيلو، أو يُطعمهم إطعاماً ((مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ )) فلا يجب في إطعامهم الحد الأعلى وهو الأرز مثلاً ولا يجوز الأدنى كإطعامهم بالدخنة مثلاً ((أَوْ كِسْوَتُهُمْ ))، أي يكسي كل واحد من العشرة بثوبين المأزر والقميص بأيّ جنس كان ((أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ))، أي عتق عبد أو أمّة لوجه الله سبحانه، وإنما عبّر الإنسان بالرقبة لعلاقة الكل بالجزء ((فَمَن لَّمْ يَجِدْ )) أحد الأمور الثلاثة للكفّارة ((فَـ)) كفّارته ((صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ )) متتابعات -كما ذكر الفقهاء- و((ذَلِكَ )) المتقدّم من الأمور الثلاثة ثم الصيام ((كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ )) جمع يمين وهو الحلف ((إِذَا حَلَفْتُمْ )) ثم حنثتم ((وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ )) فلا تحنثوها بل أوفوا بها ((كَذَلِكَ )) البيان، أي مثل هذا البيان الذي بيّن به الكفّارة وحُكم اللغو في اليمين ((يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ )) واضحة لا لبس فيها ولا غموض ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) الله سبحانه حيث أرشدكم إلى مصالحكم .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
90
وبعد ذِكر تحليل الطيّبات يأتي بيان تحريم الخبائث ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ )) وهي كلّ ما أسْكَر سواءً كان من العنب أو غيره ((وَالْمَيْسِرُ )) هو القمار بجميع أنواعه ((وَالأَنصَابُ)) وهي الأصنام كانوا يذبحون لها الذبائح ويلطّخونها بدمائها ((وَالأَزْلاَمُ )) قداح كانوا يستقسمون بها الذبيحة، وذلك نوع من أنواع القمار خُصّص بالذِكر لاشتهارها عند الجاهلين، وقد مرّ التفسير للكلمات سابقاً ((رِجْسٌ ))، أي خبيث ((مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) فإنّ الشيطان هو الذي أمَرَ بتعاطيها مقابل عمل الرحمان بمعنى الذي أمَرَ به وعمله، فإنّ الشيطان هو الذي عمل هذه الأشياء أما حقيقة كما يظهر من بعض الأحاديث، وأما مجازاً باعتبار وسوسته وإلقائه في قلوب الفاسقين ((فَاجْتَنِبُوهُ ))، أي إجتنبوا تعاطي هذه الأشياء فلا تشربوا الخمر ولا تضربوا الميسر ولا تعبدوا الأصنام ولا تستقسموا بالأولام ((لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))، أي كي تفوزون بخير الدنيا وسعادة الآخرة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:27 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
91
((إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ )) بوسوسته وأمره بشرب الخمر ولعب الميسر ((أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ )) أيها المسلمون ((الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء )) والفرق بينهما أنّ أصل التعدّي من فعل الجوارح وأصل البغضاء من فعل الجوانح ((فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ))، أي بالنسبة إليهما، فإنّ (في) تُستعمل بمعنى النسبة، كما قالوا في قولهم : الواجبات الشرعية في الواجبات العقلية، إنّ (في) بمعنى النسبة، أي بالنسبة إلى الواجبات العقلية، في المجمع : إنّ سعد بن أبي وقّاص ورجلاً من الأنصار كان مواخياً لسعد دعاه إلى طعام فأكلوا وشربوا نبيذاً مُسكِراً فوقع بين الأنصاري وسعد مِراء ومفاخرة فأخَذَ الأنصاري لحن جمل فضرب به سعداً ففزر أنفه فأنزل الله ذلك فيهما، أقول : إنّ إيقاع العداوة بواسطة الخمر ظاهر، إذ السُكر الموجب لذهاب العقل يوجب كل شيء وإيقاعه بسبب القمار من جهة الإختلاف بينهما فيمن له الغَلَب أولاً وبُغض المغلوب للغالب ثانياً ((وَيَصُدَّكُمْ )) كلّ واحد من الخمر والميسر ((عَن ذِكْرِ اللّهِ )) إذ الإسكار يوجب عدم الإلتفات إلى الله سبحانه والقمار بتشغيله الحواس منسي له تعالى ((وَعَنِ الصَّلاَةِ )) لما هو واضح مما تقدّم ((فَهَلْ أَنتُم )) أيها المسلمون ((مُّنتَهُونَ)) عنهما فتتركونهما لهذه المضار، وصيغة الإستفهام بمعنى النهي كما هو واضح .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
92
((وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ )) في الأوامر والنواهي، ومن المعلوم أنّ طاعتهما واحدة وإنما يُذكر الله لأنه الأصل في الإطاعة، ويُذكر الرسول لأنه المبلّغ الذي بيّن الأمر والنهي ((وَاحْذَرُواْ)) من مخالفتهما فإنّ ذلك موجب لخزي الدنيا والآخرة ((فَإِن تَوَلَّيْتُمْ ))، أي أعرضتم عن إطاعتهما ((فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ)) فانتظروا العقوبة حيث قد بلّغكم الرسول فلم ينفعكم البلاغ وتجاوزتم الحد .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
93
ولما نزل تحريم الخمر والميسر قالت الصحابة : يارسول الله ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، يريدون : هل من إثم على الذين قُتلوا أو ماتوا قبل التحريم وهم يتعاطونها ؟ فنزلت هذه الآية ((لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ))، أي إثم وحَرَج وعصيان ((فِيمَا طَعِمُواْ )) سابقاً قبل التحريم من الخمر وتعاطوا من الميسر وغلّب أحد اللفظين تخفيفاً كما قال الشاعر : علّفتها تِبناً وماءاً بارداً ((إِذَا مَا اتَّقَواْ )) (ما) زائدة ((وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ))، أي إذا كان طعامهم مصاحباً للتقوى والإيمان والعمل الصالح، ثم إنّ الإنسان قد يكون مؤمناً وعاملاً للصالحات ولكنه ليس كتّقياً، أي ليس في نفسه حالة رادعة ومَلَكة الخوف من الله سبحانه، ولذا ذَكَرَ سبحانه التقوى في عِداد الإيمان والعمل الصالح، ثم كرّر سبحانه الجملة السابقة، أي (إتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات) بتعبير ((ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ )) بلا ذِكر العمل الصالح و((ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ )) بلا ذِكر الإيمان، ولا يخفى أنّ الإحسان هو عبارة عن العمل الصالح، ولعل الوجه في التكرار إفادة الدوام في الصفات الثلاثة، أي إنّ عدم الجناح مشروط بالإيمان والتقوى والعمل الصالح -سابقاً- والإيمان والتقوى والعمل الصالح -مستمراً فيما بعد-، وقد كرّر (التقوى) في الجملة الثانية لتأكيد أنّ كلّاً من الإيمان ومن العمل الصالح لا ينفع بدون التقوى، والذي يقرّب إرادة الدوام من الجملة الثانية دخول (ثمّ) فيها فاستمرار التقوى مع الإيمان واستمرار التقوى مع العمل الصالح شرط في عدم الجناح، وهنا سؤال أنّ ظاره الآية إشتراط عدم الجناح بالطعام بالإيمان والتقوى والعمل الصالح، وإذا فرضنا أنّ الطعام كان محلّلاً -كما عرفتَ في شأن النزول إذ الخمر لم تُحرّم بعد- فما معنى هذا الشرط ؟ فقد كان شرب الخمر -قبل تحريمها- مباحاً حلالاً للمسلم والكافر، فأيّ معنى لتقييد التحليل بالإيمان ؟ ، والجواب : إنّ الشرط لا مفهوم له فليس المعنى : الجناح إذا لم يؤمنوا، إذ الشرط كما يُساق غالباً لبيان المفهوم نحو : إن جائك زيد فأكرمه، المفهوم منه : إن لم يجئك فلا تكرمه، يُساق أحياناً لبيان تحقق الموضوع نحو : إن رُزقت ولداً فأختنه، فإنه لا مفهوم له بـ : إن لم تُرزق ولداً فلا تختنه، إذ إن لم يُرزق ولداً يكون من السالبة بانتفاء الموضوع، وإنما الجملة : إن رُزقت، معناها : يجب الختنة للولد، وهنا كذلك إذ الآية مسوقة لبيان : إنّ المؤمنين الذين شربوا وهم متّقون عاملون بالصالحات ليس عليهم جُناح، في مقابل توهّم الأصحاب أنّ عليهم الجناح، لا أنه سيق للمفهوم حتى يُقال بعدم إستقامة مفهومه، ثم إنه من المحتمل أن يكون في تناول المباح للكفار حضر كما دلّ الدليل أنّ في تناول المباح للنُصّاب حضر، فمن شرب من الفرات من أعداء الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام) كان شربه محرّماً، وعلى هذا فللمفهوم مجال واسع في الآية ((وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) الذين يُحسنون في أمورهم، وكأنه حث على الإحسان وإن لم يكن المُحسن من أهل الإيمان، ولا يخفى أنّ مَن طَعِمَ محرّماً وتذرّع لرفع الحد عنه بهذه الآية فهو مخطئ، إذ الآية تشترط في عدم الجناح الإيمان والتقوى والعمل الصالح، ومن المعلوم أنّ التقوى والعمل الصالح يتنافيان مع تناول المحرّم .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
94
وفي سياق التحليل والتحريم وتتميماً لما تقدّم في أول السورة من قوله سبحانه (غير محلّي الصيد وأنتم) وقوله (إذا حللتم فاصطادوا) يأتي ذِكر المصيد في حال الإحرام وكفارته ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ )) من بلا بمعنى إختُبر، يعني : ليختبرنّكم الله ويمتحنكم ((بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ ))، أي ببعض الصيد المحرّم على المُحرِم ((تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ )) فيكون في طريقكم إلى الحج بعض أقسام الصيد سهل التناول حتى أنّ أحدكم لو مدّ يده لتمكّن من أخذه، ولو شرع رمحه لتمكّن من صيده وبالأخص فِراخ الطير وصغار الوحش وبيض الطير المحرّم، فقد إبتُلي المؤمنين في عمرة الحديبية بكثرة الصيد في طريقكم إلى مكة وقد كان ذلك إختباراً من الله لهم أيّهم يطيع فيتجنّب وأيّهم يعصي فيصيد، وإنما كان ذلك الإختبار ((لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ))، أي بالسر والخلوة، وعن أعين الناس، وقد تقدّم سابقاً أنّ إختبار الله ليس لأنه لا يعلم وإنما لأجل أن يظهر معلومه ويُتمّ الحجّة كما أنّ (ليعلم) يُراد به ظهور معلومه، فإنّ العلم حيث كان من الأمور ذات الإضافة صحّ أن يكون السبب له إنكشاف المعلوم للعالم وإن يكون وجود المعلوم في الخارج، والمراد بالغيب ما غابَ عن الحواس وهو أما بالنسبة إلى الله أو بالنسبة إلى سائر الناس، أي في حال عدم رؤيتكم لله سبحانه أو عدم رؤية الناس لكم ((فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ ))، أي بعد النهي -المستفاد من الكلام- بأن صارَ وخالف أوامر الله ((فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) مؤلم وموجع .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:28 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
95
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ))، أي في حال كونكم مُحرمين، والمراد بالصيد كل وحش أُكل أم يُأكل إلا ما استُثني، وحُرُم جمع حرام، يُقال : أحرم الرجل، إذا دخل في الحُرُم أو في الإحرام، فالآية تدلّ على حُرمة الصيد الحَرَمي والصيد الإحرامي، كما إنّ ذلك عام للحج وللعمرة ((وَمَن قَتَلَهُ ))، أي قتل الصيد ((مِنكُم )) أيها المُحرِمون ((مُّتَعَمِّدًا)) وهذا القيد لا مفهوم له لأنه من مفهوم اللقب الذي ثبت عند العملاء عد م المفهوم له، فإنّ للخطأ أيضاً كفّارة كما ثبت في السنّة، ولعلّ فائدة القيد كونه الغالب الذي يتناوله الإنسان بالإضافة إلى أن يترتّب على ما يأتي من قوله (ليذوق وَبال أمره) ((فَجَزَاء )) عليه كفّارة ((مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ )) (من) بيان لجزاء أنّ جزائه أن يكفر بإحدى النِعم الثلاث المشابهة لذلك الصيد المقتول، فمثلاً الظبي شبيه بالشاة، وحمار الوحش وبقرته شبيهان بالبقرة، والنعامة شبيهة بجذور ((يَحْكُمُ بِهِ ))، أي بالمثل ((ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ))، أي رجلان عادلان، فيحكمان أنّ الحيوان الفلاني الذي اصطيدَ هو مثل النِعَم الفلاني من الأنعام الثلاثة -الشاة والبقرة والإبل- فكما حكما بأنه مثل الصيد أخذ كفّارة له، وقد ورد في الأحاديث أنّ المراد بالعادلَين الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والإمام علي (عليه السلام) فما وُجد من النصوص في مورد المماثلة وجب الحُكم به، وما لم يرد فالظاهر عدم المانع في التمسّك بظاهر الآية من كفاية إخبار عدلين عارفين بالمماثلة إن لم يوجد نص بالخلاف بالقيمة أو ما أشبه ((هَدْيًا ))، أي في حال كون الكفّارة يُهدى هدياً ((بَالِغَ الْكَعْبَةِ ))، أي يذهب بها إلى صوب الكعبة فإن أصاب الصيد وهو مُحرِم بالعمرة ذَبَحَ جزائه بمكة وإن كان مُحرِماً بالحج ذَبَحَه بمنى ((أَوْ )) يكون جزاء الصيد ((كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ )) فإذا لم يجد الأنعام أخَذَ بقيمتها الطعام وتصدّق به على المساكين ((أَوْ)) يكون جزاء الصيد ((عَدْلُ ذَلِكَ ))، أي معادل الإطعام ((صِيَامًا )) فلكلّ مدين صوم يوم، وتفصيل هذه الأمور تُطلب من الفقه في كتاب الحج، وإنما شُرّعت الكفّارة ((لِّيَذُوقَ )) الصائد ((وَبَالَ ))، أي عقوبة ((أَمْرِهِ ))، أي عمله وهو الإصطياد المنهي عنه ((عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف )) من الصيد فمن صادَ متعمداً وكفّر عفا سبحانه عن ذنبه ((وَمَنْ عَادَ )) إلى الصيد متعمداً مرة ثانية ((فَـ)) لا كفار عليه من عِظم ذنبه، فإنه لا يُغسل بالكفار بل ((يَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ )) في الآخرة إنتقاماً لهتكه حُرمة الإحرام أو حُرمة الحرم، هذا على ما فُسّر به الآية الكريمة في الأحاديث، وإن كان لا يبعد إنصراف الآية الكريمة إلى (ما سَلَف) قبل التحريم، والعفو باعتبار أنه كان غير جائز حتى عند الجاهليين وما أُعيد بعد التحريم فيكون العفو عما سَلَف من قيبل "الإسلام يجبّ عما قبله" والمراد بالإنتقام الكفّارة والعقاب ((وَاللّهُ عَزِيزٌ )) قادر غالب ((ذُو انْتِقَامٍ)) ينتقم من كلّ من عصاه وخالفه .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
96
((أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ )) والمراد بالبحر الأعم من النهر، فإنّ العرب تسمّي النهر بحراً، فإنّ صيده مُباح في حال الإحرام، وفي الحرم -لو صار فيه بحر أو أُتي بصيده إليه- هذا بالنسبة إلى صيده ((وَ)) أما بالنسبة إلى أكله فـ ((طَعَامُهُ ))، أي طعام البحر قد مُتّعتُم به ((مَتَاعًا )) والمتاع ما يَتمتّع به الإنسان ((لَّكُمْ )) أيها المُحرِمون ((وَلِلسَّيَّارَةِ ))، أي للقوافل السيّارة التي تسير كثيراً، فإنه يجفّف السمك للسفر، وإنما خصّص بالسفر مع أنه طعام للحضر أيضاً لكثرة إنتفاع المسافر، إذ لا يمكن غالباً ذبح الأنعام في السفر فينتفع المسافر بالسمك المجفّف إنتفاعاً كثيراً ((وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ )) الأعم من الوحش والطير ((مَا دُمْتُمْ حُرُمًا )) جمع حرام، أي ما دمتم في الإحرام وما دمتم في الحَرَم -كما تقدّم- يُقال : رجل حرام، إذا كان مُحرِماً أو كا في الحَرَم ((وَاتَّقُواْ اللّهَ ))، أي خافوا عقابه فلا ترتكبوا نواهيه ((الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) الحشر هو الجمع، أي يكون مصيركم وحشركم إليه فيجازيكم بما اقترفتم من الذنوب والآثام .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
97
وفي سياق حكم الصيد في حال الإحرام يأتي الكلام حول ما جعله سبحانه حراماً من المكان والزمان ليهدي الناس في فترات معينة وأماكن معينة عن الخصام والإنتقام الذي يكدّر الحياة البشرية ((جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ )) سميت الكعبة كعبة لتربيعها وإنما قيل للمربّع كعبة لنتو زواه الأربع مقابل المدور، والكعب هو النتو والإرتفاع ((الْبَيْتَ الْحَرَامَ )) عطف بيان على الكعبة، وإنما جيء بهذا العطف لأنه كانت لدى الجاهليين كعبات متعددة وكانوا يحجّون إليها ويطوفون بها فهدّمها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسمى البيت الحرام لحرمته ولأنه يُحرم فيه القتال والصيد وغيرها ((قِيَامًا لِّلنَّاسِ )) مفعول ثان لـ (جَعَلَ)، أي جَعَلَ الله الكعبة لقيام الناس بأن تقوم أمورهم وتستقيم أحوالهم إقتصادياً وإجتماعياً وغيرهما كما ذُكر في فلسفة الحج -راجع كتاب (عبادات الإسلام) للمؤلف- ((وَ)) جعل الله ((الشَّهْرَ الْحَرَامَ )) قياماً للناس، فأشهر الحُرُم -وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب- تقوم أمور الناس وإجتماعهم، إذ يخفف عن كواهلهم عبأ الحروب والمخاصمات وتسبب الأمن والهدوء مما يروّج الإقتصاد ويهيّء الجو الملائم للتفاهم وغيرها، فالبيت الحرام أمن في المكان والشهر الحرام أمن في الزمان، وقد جعل سبحانه الأمن متعدّياً إلى خارج هذه الحدود فجعل ((وَالْهَدْيَ ))، اي محترماً لا يُمسّ بسوء، وهو ما يهدي إلى الكعبة بإشعار أو تقليد ((وَالْقَلاَئِدَ )) جمع قلادة، أي ما تقلّدها -بعلاقة الحال والمحل-، أي جَعَلَ القلائد محترماً لا تُمسّ بسوء، والمراد بالقلائد أما الحيوان الذي يُقلّد أو الإنسان الذي يُحرِم فيقلّد نفسه، قالوا : كان يقلّد بعيره أو نفسه قلادة من لحاء شجر الحَرَم فلا يخاف، لا يُقال أنّ غير الهدي والقلائد أيضاً محترم لأنه لا يجوز لأحد أن يتصرّف في مال غيره أو بدون غيره فما هنا الإختصاص ؟ ، لأنّ الجواب ظاهر فإنّ الهدي لا يجوز أن يُمسّ وإن جاز مسّه لولا كونه هدياً بسبب الإقتصاص والإفلاس ونحوهما، كما إنه لا يجوز أن يتعدّى على المُحرِم بما يجوز التعدّي عليه في غير حال الإحرام، فلا يجوز أخذ المُحرِم وحبسه ولو كان بحق -إذ الواجب إتمام العمرة والحج لله- فكما لا يجوز لنفسه الإبطال لا يجوز لغيره الإبطال ((ذَلِكَ ))، أي إنما جعل سبحانه هذه المحرّمات ((لِتَعْلَمُواْ )) أيها الناس ((أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ )) فإنه عالم بأحوال الإنسان وما يكتنفه من العداوات والشرور وأنه يحتاج إلى هدوء وسكينة في المكان وفي الزمان، وأنهم يحتاجون إلى ما يُقيم معاشهم ومعادهم ولذا جعل هذه المحرّمات للإستراحة والإستحمام، ولعلّ ذِكر (السماوات) إستطراداً، فإنّ ما ذُكر مرتبط بالأرض لكن لو ذُكرت وحدها لأوهم عدم علمه سبحانه بما في السماوات ((وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) من أحوال الإنسان والحيوان والأزمان والأماكن وغيرها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:29 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
98
ولما تقدّم بعض الأحكام عقبه سبحانه بذِكر الوعد والوعيد ((اعْلَمُواْ )) أيها الناس ((أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) لمن عصاه وخالفه ((وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) لمن تاب وآمن وعمل صالحاً فإنه يغفر ذنوبكم ويرحمكم بفضله وسِعَته .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
99
((مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ ))، أي أداء الرسالة وبيان الشريعة أما القبول من الناس فليس من شأن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا يرتبط به ((وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ))، أي تُظهرون من الأقوال والأعمال ((وَمَا تَكْتُمُونَ)) من النيّات والأعمال فإنه لا يخفى عليه شيء ويُجازيكم بكل ذلك فأحسِنوا ولا تخالفوا .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
100
ولما بيّن سبحانه الحلال والحرام ذكر أنهما لا يستويان، فلا يتناول أحد خبيثاً مدّعياً أنه لا فرق بين هذا وغيره كما نرى اليوم كثيراً من الناس يتناولون المحرّمات مدّعين عدم الفرق بينها وبين المحلّلات ((قُل )) يارسول الله ((لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ )) المحرّم ((وَالطَّيِّبُ )) المحلّل فإنهما ليسا متساويين ((وَلَوْ أَعْجَبَكَ )) أيها السامع ((كَثْرَةُ الْخَبِيثِ )) وزيادته على الطيب كما نرى من أنّ أنواعاً من الحيوان المحرّم أكثر من المحلّل، فإنّ كثرة الخبيث لا تسبّب طيبه، ولعلّ قوله (ولو) لدفع إستبعاد بعض الناس أنه كيف يمكن أن يكون هذا الشيء الكثير حراماً ؟! ((فَاتَّقُواْ اللّهَ ))، أي خافوا عصيانه ولا تخالفوه ((يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ))، أي أصحاب العقول ((لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))، أي كي تفوزوا بالثواب العاجل والآجل .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
101
قلنا سابقاً قد جرت عادة القرآن الحكيم بعدم تطويل أمر واحد كي يملّ السامع فهو إذا أراد التطويل ذَكَرَ في الأثناء ما يلطّف الجو ويرفع الكلالة من السامع ببيان حُكم جديد منبّه، وهكذا أتت آية السؤال هنا في وسط الحرام والحلال بالإضافة إلى إرتباط الآية بالحج، حيث أنها وردت في باب السؤال عن الحج، فقد روي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خطب فقال : "إنّ الله كَتَبَ عليكم الحج" ، فقام سُراقة بن مالك فقال : في كل عام يارسول الله ؟، فأعرَضَ عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثاً، فقال رسول الله : "ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم ولو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم فاتركوني وما تركتكم فإنما هَلَكَ مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتُكُم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، فنزلت ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء )) متّصفة بأنها ((إِن تُبْدَ لَكُمْ ))، أي تظهر لكم ((تَسُؤْكُمْ ))، أي تسبّب سوءاً أو حزناً وصعوبة عليكم ((وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا ))، أي عن تلك الأشياء ((حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ ))، أي في فترة الوحي ووجود النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين أظهُرِكم ((تُبْدَ لَكُمْ )) لأنّ الوحي يأتي إليه بالجواب فيكون موجباً للصعوبة عليكم بتشريع أحكام جديدة أنتم في غِنى عنها، وهنا سؤال أنه كيف يمكن عدم السؤال إن كان من الأمور المرتبطة بالدين ؟ وأنه هل أنّ أحكام الله إعتباطية حتى يشرّعها السؤال ؟ أليس كلّ حُكم تابع للمصلحة والمفسَدة، ويبيّن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك لإيصال الناس إلى مصالحهم ومفاسدهم ؟ وما خصوصية حين ينزل القرآن فإنّ الأئمة (عليهم السلام) أيضاً بتلك المثابة حيث أنهم يعلمون جميع الأحكام ؟، والجواب أنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد التي منها مصلحة التسهيل على المكلّفين، فكثيراً ما لا يشرّع حُكم -كعدم وجوب السواك- لمصلحة التسهيل، ومن المعلوم أنّ هذه المصلحة قد ترتفع إذا كان هناك لجاج وعناد وظلم، كما قال سبحانه (فبِظلمٍ من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات أحلّت لهم) وبهذا ظَهَرَ الجواب عن السؤال الثاني، وأما السؤال الأول فإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا كان في مقام بيان جميع الأحكام وليست القضية شخصية كابتلاء بإرث لا يعلم تقسيمه أو زوجة لا يعرف حقها أو ولد عاص لا يدري كيف يعاشره أو أشباه ذلك، لم يكن وجه للسؤال لأنه تعنّت وإرهاق، وأما السؤال الثالث فلأن المصالح التشريعية قد كملت في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى إنه لا تشريع جديد بعده، ولذا فلم تكن الأئمة (عليهم السلام) بمثابة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في إمكان تشريع الحُكم وإن كان من الممكن التشريع لو حدث في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شيء، وهذه المصلحة -وهي إنسداد باب التشريع- حتى لا يكون لأحد ذلك بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإن كان مفوتاً لمصالح واقعية -مثلاً- لكنها أقوى في الإعتبار من مراعات مصالح لأحكام جديدة، ولعلّ الجواب عن الإشكال الثاني يُستفاد من حديث ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : "إنّ الله إفترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها وحدّ لكم حدوداً فلا تعتدوها ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها وسَكَتَ عن أشياء ولم يدعها نسياناً فلا تتكلّفوها" ((عَفَا اللّهُ عَنْهَا ))، أي عن تلك الأشياء فلا تتكلّفوها إنه سبحانه رجّح مصلحة التسهيل عليكم على مصلحة تلك الأحكام فإن تسألوا عنها وعاندوا تُرفع تلك المصلحة التسهيلية فتبتلون بها ((وَاللّهُ غَفُورٌ )) يغفر ما سلف ((حَلِيمٌ)) يرحمكم أن يوقكم في عسر ومشقة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
102
((قَدْ سَأَلَهَا ))، أي سأل عن تلك الأشياء التي إن تُبْدَ تسيء السائل ((قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ )) من الأمم السابقة، كما سأل اليهود عيسى (عليه السلام) المائدة ثم كفروا، وسأل بنو إسرائيل القتال فلما أُجيبوا ولّوا إلا قليلاً منهم، وسأل قوم صالح الناقة ثم عقروها، أو من المشركين حيث سألوا من النبي أشياء ثم لما أبدا لهم كفروا ولم يؤمنوا ((ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ)) فازدادوا عذاباً على عذابهم، وهذه الآية كالتعليل للنهي في الآية السابقة .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
103
ثم يرجع السياق إلى ذِكر بعض الأمور المحلّلة التي حرّمها أهل الجاهلية ((مَا جَعَلَ اللّهُ ))، أي لم يحرّم الله -كما يزعم أهل الجاهلية- ((مِن بَحِيرَةٍ )) هي الناقة إذا شُقّت أذنها، من البحر بمعنى الشق ((وَلاَ سَآئِبَةٍ )) من ساب الماء إذا جرى، أي الناقة السائبة التي تجري على الأرض بدون أن يمسّها أحد -كما يأتي- ((وَلاَ وَصِيلَةٍ )) من الصلة ضد القطيعة وهي قسم من الناقة والشاة كانو يحرّمونها ((وَلاَ حَامٍ )) من حمى يحمي إذا حفظ، وهو قسم من الإبل كانو يحرّمونه لأنه حمى نفسه، فقد كان أهل الجاهلية إذا ولدت الناقة خمسة أبطن خامسها أنثى بحروا أُذنها -أي شقّوها وحرّموها على النساء- فإذا ماتت حُلّت، وإذا ولدت عشراً جعلوها سائبة لا يستحلّون ظهرها ولا أكلها، وربما تسيّب بنذر فكان ينذر أحدهم إن برء مريضه أو جاء مسافره فناقته سائبة، وإذا ولدت ولدين في بطن واحد أو الشاة ولدت في السابع ذكر أو أنثى في بطن واحد قالوا : وصلت، فلم تُذبح ولم تُؤكل وحرّموا ولدي الشاة على النساء حتى يموت أحدهما فيحلّ، والحام الفحل إذا ركب ولد ولده أو نتج من صلبه عشرة أبطن قالوا : قد حمى ظهره فلا يُركب ولا يُمنع من كلاء وماء، فأنزل الله عزّ وجل أنه لم يحرّم شيئاً من هذه الأمور ((وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ )) فينسبون تحريم هذه الأشياء إلى الله سبحانه كذباً وبهتاناً ((وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ))، أي ليس لهم عقل يميّزون بين الحرام والحلال والحق والباطل .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:29 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
104
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ))، أي لهؤلاء الذين يحرّمون أشياء إفتراءاً ((تَعَالَوْاْ ))، أي هلمّوا ((إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ )) من الأحكام في القرآن ((وَإِلَى الرَّسُولِ )) كي تصدّقوه وتتّبعوا سنّته ((قَالُواْ )) في الجواب ((حَسْبُنَا ))، أي يكفينا لمصالحنا ((مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا )) من العقائد والأقوال والأعمال والعادات، وهنا يسأل سبحانه سؤال إنكار وتعجب بقوله ((أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا )) من الحق والباطل ((وَلاَ يَهْتَدُونَ)) إلى الحق، أي فهل يتّبعونهم ولو كانوا جهّالاً ضلّالاً ؟! .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
105
ولما بيّن سبحانه أحوال الكفار وأنهم ضالّون أمر المسلمين باتباع الحق وأنهم لا يضرّهم ضلال من ضلّ حينما كانوا هم مهتدين ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ )) هو إسم فعل بمعنى إلزم واحفظ، أي إحفظوا ((أَنفُسَكُمْ )) عن الضلال والإحراف ((لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ )) من الناس ((إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ))، أي إذا كنتم مهتدين، ومن المعلوم أنّ من شروط الإهتداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد وسائر الواجبات التي هي من هذا القبيل ((إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ )) أيها الناس ((جَمِيعًا )) فإنّ مصير الضال والمهتدي إليه سبحانه ((فَيُنَبِّئُكُم ))، أي يُخبركم ((بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) من الأعمال الحسنة أو القبيحة، وليس كالدنيا يختلط الحابل بالنابل فتُؤخذون أنتم بذنوب الضالين إشتباهاً وتعمّداً أو يُشتبه أمر الضالّين فلا يجازون بالعقاب .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
106
ثم تعرّض سبحانه لبيان تشريع جديد وَرَدَ في قصة خاصة يرجع إلى سنّ بعض الأحكام بعدما فَرِغَ من بعض أقسام الحلال والحرام، فروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّ ثلاثة نفر خرجوا من المدينة تجّاراً إلى الشام تميم بن أوس الداري وأخوه عدي وهما نصرانيان وابن أبي مارية مولى عمرو بن العاص السهمي وكان مسلماً حتى إذا كانوا ببعض الطريق مَرِضَ إبن مارية فكتب وصية بيده ودسّها في متاعه وأوصى إليهما ودفع المال إليهما وقال : أبلِغا هذا أهلي، فلما مات فتحا المتاع وأخذا ما أعجبهما منه ثم رجعا بالمال إلى الورثة، فلما فتّش القوم المال فقدوا بعض ما كان قد خرج به صاحبهم، فنظروا إلى الوصية فوجدو المال فيها تاماً فكلّموا تميماً وصاحبه فقالا : لا علم لنا به وما دفعه إلينا أبلغناه كما هو، فرفعوا أمرهم إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فنزلت الآية -وستأتي تتمة القصة- ((يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ )) مرفوع بالإبتداء خبره (إثنان)، أي إنّ الشهادة المعتبرة شرعاً فيما بينكم شهادة نفرين ((إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ )) بأن ظهرت عليه آثار الموت ((حِينَ الْوَصِيَّةِ ))، أي في وقت الوصية ((اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ))، أي رجلان عادلان من المسلمين ((أَوْ آخَرَانِ ))، أي شخصان آخران لتحمّل الشهادة ((مِنْ غَيْرِكُمْ ))، أي غير المسلمين، واو هنا للترتيب لا للتخيير ((إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ ))، أي سافرتم ولم تجدوا مسلمين للإشهاد على الوصية فاشهدوا نفرين آخرين ((فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ )) بأن ظهرت علائمه، والجملة الشرطية لتقيّد قوله (آخران) فإنّ إشهادهما مشروط بالضرب في الأرض، وهذا من باب المورد، وإلا فالمعيار عدم وجود مسلمين، وإن كان في الحضر، فإذا تحمّلا الشهادة وأرادا الإدلاء بها فهو بهذه الكيفية : ((تَحْبِسُونَهُمَا ))، أي تقفونهما ((مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ ))، أي صلاة العصر وذلك لاجتماع الناس وتكاثرهم في ذلك الوقت، ولعله أردع للكذب، إذ الإجتماع مما يسبّب الهيبة في قلب المدلي للشهادة ((فَيُقْسِمَانِ))، أي الشاهدان غير المسلمين ((بِاللّهِ )) وهذا دليل على أنّ الشاهد يجب أن يكون معترفاً بالله كأهل الكتاب ((إِنِ ارْتَبْتُمْ ))، أي شككتم في شهادتما واحتملتم التبديل والتغيير والتزييف في الأمر، وهذا شرط للقَسَم، أي إنهما يُقسِمان في حال شككتم وإلا فيدليان بالشهادة بدون القَسَم ((لاَ نَشْتَرِي بِهِ ))، أي بما ندلي من الشهادة ((ثَمَنًا )) وهذا هو المقسَم به، فلا نغيّر الشهادة ولا نبدّل ولا نزيّف الواقع إبتغاء تحصيل ثمن، أي مال ((وَلَوْ كَانَ )) المشهود له ((ذَا قُرْبَى ))، أي من أقربائنا، وخصّص بالذَكَر لأنّ الناس دائماً يميلون إلى أقربائهم فيشهدون بالباطل لنفعهم، وهذا كالتأكيد وإلا فليس هنا مشهوداً له، والمعنى إنّا لا ندلي شهادة باطلة حتى لأقربائنا ((وَلاَ نَكْتُمُ ))، أي لا نُخفي ((شَهَادَةَ اللّهِ ))، أي الشهادة التي أمَرَنا الله بأدائها، والأوصاف تعظيمية ((إِنَّا إِذًا )) لو كتمنا شهادة الله ((لَّمِنَ الآثِمِينَ))، أي العاصين، وحاصل الحُكُم أنّ الإنسان إذا أراد أن يوصي فعليه أن يشهد على وصيته شاهدين مسلمين عادلين، فإن كان في سفر وظهرت عليه إمارات الموت ولم يكن هناك مسلمون لتحمّل الشهادة، يشهد على وصيّته شاهدين كتابيين وتُقبل شهادتهما بدون اليمين إن لم يشكّ الوارث بهما، أما إذا شكّ بهما واحتمل أنهما يكذبان في الشهادة فالحاكم الشرعي يُحضرهما بعد صلاة العصر ويُحلّفهما أولاً بهذا الحلف : والله إنّا لا نبتغي بالشهادة مالاً ولا نبدّل الشهادة حتى لأقربائنا ولا نكتم الشهادة التي ألزمها الله إيماناً ولو فعلنا ذلك لكُنّا آثمين، وبعد أداء هذا القَسَم أو شبهه في المعنى يُدليان بشهادتهما حول الوصية وتُقبل شهادتهما حينئذٍ .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
107
ولما نزلت الآية الأولى صلّى رسول الله صلاة العصر ودعا بتميم وعدي فاستحلفهما عند المنبر بالله ما قبضنا غير هذا ولا كتمناه، فخلّى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سبيلهما، ثم إطّلعوا على إناء من فضة منقوش بذهب وقلادة من جوهر معهما من مال الميت، فقال أولياء الميت : هذا من متاع الميت، فقال النصرانيان إشتريناه منه ونسينا أن نُخبركم، فرفعوا أمرهما إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فنزل قوله (فإن عُثِرَ) فقام رجلان من أوليا ءالميت عمرو بن العاص والمطلب ابن أبي وداعة فحَلَفا بالله أنّ النصرانيين خانا وكذّبا فدفع الإناء إلى أولياء الميت، وبعد مدة أسلم تميم الدارمي فكان يقول : صَدَقَ الله وصَدَقَ رسوله أنا أخذتُ الإناء فأتوب إلى الله وأستغفره ((فَإِنْ عُثِرَ )) يُقال : عَثَرَ الرجل على الشيء، إذا إطّلع، فعُثِرَ بالمجهول بمعنى ظهر ((عَلَى أَنَّهُمَا ))، أي الوصيّين غير المسلمين ((اسْتَحَقَّا ))، أي إستوجبا ((إِثْمًا ))، أي ذنباً بأن إدّعى الأولياء أنهما كذّبا في اليمين والشهادة بل خانا الوصية ((فَـ)) شاهدان ((آخَرَانِ )) مسلمان ((يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا ))، أي مقام غير المسلمين ((مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ))، أي من أولياء الميت الذين إستحقّت عليهما الوصية، وكان المال لهم ((الأَوْلَيَانِ )) تثنية أولى، بدل من قوله "آخران"، أي يقوم شاهدان كل واحد منهما أولى بالميت، أي من أقربائه وذي ولايته، وهذا ينقضان شهادة الوصيّين الكاذبين غير المسلمين ((فَيُقْسِمَانِ ))، أي وليّا الميت ((بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا )) نحن أولياء الميت -في تكذيب الوصيّين- ((أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا ))، أي من شهادة الوصيين الكاذبين، وكلمة (أحقّ) جُرّدت من معنى التفضيل -كما سبق- ((وَمَا اعْتَدَيْنَا ))، أي ما تجاوزنا الحق بل نطلب مال الميت ((إِنَّا إِذًا )) لو إعتدينا كُنّا ((لَّمِنَ الظَّالِمِينَ)) لنفوسنا حيث قَسَمنا كذباً، وإذا حَلَفَ وليّان للميت كذلك نَقَضَ حلف الوصيّين وأُخذ المال منهما وأُعطي إلى وليّ الميت .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:29 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
108
((ذَلِكَ )) الذي تقدّم من كيفية إخلاف الوصيّين بعد الصلاة ((أَدْنَى ))، أي أقرب ((أَن يَأْتُواْ))، أي يأتي الوصيّان ((بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا )) فإنّ اليمين رادعة لكثير من الناس عن الكذب ((أَوْ يَخَافُواْ )) إذا علموا بأنهم إن حلفوا كاذبين ((أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ )) إلى أولياء الميت فيحلفان على كذبهما ويكون الحق لهما دون الوصيّبن ((بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ )) فيجمعوا بين فضيحة الكذب والسرقة وفضيحة الحلف الكاذب ((وَاتَّقُوا اللّهَ )) فلا تحلفوا به كذباً ((وَاسْمَعُواْ )) هذه الموعظة ((وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)) الذين يفسقون بالخروج عن طاعته وارتكاب معصيته، فإنه لا يلطف بهم اللطف الخاص بالمطيعين .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
109
قد سبق جانب من قصص اليهود والنصارى، ويأتي هنا جانب آخر من قصة النصارى في ثوب بديع ((يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ ))، أي إتقوا يوم الحشر الذي يجمع الله فيه الأنبياء المرسلين جميعاً ((فَيَقُولُ )) لهم ((مَاذَا أُجِبْتُمْ ))، أي بماذا أجابكم الأمم هل بالإيمان والتصديق أم بالكفر والتكذيب ؟ ((قَالُواْ ))، أي قالت الرُسُل في جوابه سبحانه ((لاَ عِلْمَ )) كامل ((لَنَا )) فإنّا لم نَرَ منهم إلا ظواهر أما ألبواطن والخفايا فأنت العالم بها وحدك ((إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ))، أي الأشياء الغائبة عن الحواس، وقصد الآية هنا الإجمال أو ذلك في موقف من مواقف القيامة إذ لها مواقف كل موقف منها يخالف الموقف الآخر في الخصوصيات والمزايا -هذا جواب الأنبياء بصورة عامة- ، أما جواب عيسى (عليه السلام) ففيه تفصيل وسيأتي بعد آيات من قصة عيسى (عليه السلام) .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
110
((إِذْ قَالَ اللّهُ ))، أي يقول، فإنّ المضارع المتحقّق الوقوع ينزل منزلة الماضي، ومحل (إذ) نصب على (إتّقوا)، أي إتّقوا زمان يقول الله : ياعيسى، أو على تقدير (إذكُر) ((يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ)) وذَكَرَ (ابن مريم) إستنكاراً لقول النصارى أنه إبن الله (( اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ )) والمراد بالنعمة جِنسها، لا نعمة واحدة، ومعنى ذِكر النعمة شُكرها، والإتيان بما يستحق المنعم بها، ومن المعلوم أنّ النعمة على الوالدة بالعفاف والطهارة وغيرهما من أعظم النِعَم على الولد، فهي مما تستحق الشكر، ثم فسّر سبحانه بعض نعمه بقوله ((إِذْ أَيَّدتُّكَ ))، أي قوّيتك ونصرتك ((بِرُوحِ الْقُدُسِ ))، أي الروح المنزّه عن الأدران، وهو جبرئيل (عليه السلام) أو مَلَك آخر، أو روح منفوخة فيه تحفظه عن الزلل، فإنّ الأنبياء والأئمة مزوّدون بروح طاهرة تحفظهم وتُرشدهم بأمر الله سبحانه ((تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ))، أي في حال كونك صبيّاً، فإنه (عليه السلام) قال (أنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً وجعلني مُباركاً أين ما كنتُ وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمتُ حيّا) .. إلخ ((وَكَهْلاً ))، أي في حال كونك كهلاً، وهو قبل سن الشيخوخة، وهذا من تتمة الكلام، يعني أنك تكلّم الناس في الحالين، لا كسائر الناس الذين لا يتكلّمون إلا في حالة واحدة ((وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ ))، أي جِنس الكتاب المُزل من السماء، فإنه كانت كُتب نازلة على الأنبياء السابقين، وقد كان (عليه السلام) تعلّمها بتعليم الله سبحانه ((وَالْحِكْمَةَ )) وهي علم الأشياء على واقعها فإنّ معرفة الكتب غير معرفة الحكمة، وأن يكون الإنسان بحيث يعلم الأمور ومواضعها ((وَالتَّوْرَاةَ )) وهي الكتاب المنزَل على موسى (عليه السلام) ((وَالإِنجِيلَ )) وهو الكتاب المنزَل على المسيح نفسه (عليه السلام) ((وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ))، أي على قالب الطير وهيكله، ومن المعلوم أنّ هذا النحو من التجسيم لم يكن حراماً لأنه كان بأمر الله وليس للتحريم عقلياً حتى لا يمكن التخصيص فيه ((بِإِذْنِي )) ولعلّ بإذني إشارة إلى ذلك، أو إنّ الخلق إنما كان بقدرته، إذ لو لم يأذن الله لم يتمكن أحد من خلق شيء وصنعه ((فَتَنفُخُ فِيهَا ))، أي في تلك الهيئة التي خلقتها، ولا يخفى أنّ الروح جسم لطيف فيمكن أن ينفخ المسيح (عليه السلام) بإذن الله ذلك الجسم في الهيكل المصنوع ((فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ))، أي طيراً حقيقياً كسائر الطيور بأمري وإرادتي ((وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ))، أي تُشفي الذي وُلد أعمى ((وَالأَبْرَصَ )) الذي به البَرَص ((بِإِذْنِي ))، أي بأمري وإرادتي ((وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى )) من القبور فتجعلهم أحياءاً ((بِإِذْنِي )) وإرادتي فإنك تدعوني لهذه الحوائج وإنما أستجيب دعائك ((وَإِذْ كَفَفْتُ ))، أي منعتُ ((بَنِي إِسْرَائِيلَ )) اليهود ((عَنكَ )) فلم يقدروا على قتلك ((إِذْ جِئْتَهُمْ ))، أي حين أتيت إليهم ((بِالْبَيِّنَاتِ )) ، أي بالأدلة القاطعة على صحة نبوّتك وصدق كلامك ((فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ )) بك وجحدوك ولم يؤمنوا بما جئتَ به ((مِنْهُمْ ))، أي من بني إسرائيل ((إِنْ هَذَا ))، أي ما هذا الذي نرى من خوارقك ((إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ))، أي سحر واضح .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
111
((وَ)) اذكُر نعمتي عليكَ ياعيسى بن مريم (عليه السلام) ((إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ )) الوحي هنا بمعنى الإلقاء إليهم ولو كان ذلك بواسطة نفس عيسى أو يحيى (عليهما السلام)، أو المراد الإلهام إلى قلوبهم بواسطة العقل الذي هو حُجّة باطنة، والمراد بالحواريّين أصحابه الخاصون به، وسَبَقَ وجه تسميتهم بالحواري ((أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي )) المسيح، فإنّ الإيمان بالله نعمة على المسيح، كما إنّ تصديقه (عليه السلام) نعمة عليه، إذ الأمران موجبان لقُربه (عليه السلام) إلى الله سبحانه حيث تمكّن من إهدائهم بالإضافة إلى لزوم الإحترام الظاهري ((قَالُوَاْ ))، أي قال الحواريون ((آمَنَّا ))، أي بالله ورسوله ((وَاشْهَدْ )) ياربنا، أو المراد الإستشهاد بعيسى (عليه السلام) ((بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)) لله فيما يأمر وينهي .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
112
واذكر نعمتي عليك ياعيسى بن مريم (عليه السلام) حينما جرى الحوار بينك وبين الحواريّين حول إنزال الله المائدة فطلبتَ من الله فاستجاب لك وأنزل المائدة ((إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ )) ولعلّهم ذكروا اللفظ بتأديب وإنما نَقَلَ سبحانه المعنى، أو كان مثل هذا الخطاب من دستور عيسى (عليه السلام) نفسه، أو كان لديهم متعارفاً ((هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء )) أما المراد الإستطاعة بحسب القدرة، وكان ذلك حين عدم كمال إيمانهم، وأما المراد الإستطاعة بحسب الإرادة، أي هل يريد ؟ ، وكان سؤال إستعطاف، والمائدة مشتقّة من ماد يميد إذا تحرّك، فهي فاعلة سمي بها الخوان لأنه يميد ويتحرك من مكان لمكان آخر وقت البسط والجمع، وقد أرادوا إتيان عيسى بهذه المعجزة ليروها ويلمسوها ويأكلوها، فلا يبقى محل ريب لهم في صدق الدعوة، ولعلّ ذلك كان قبل سائر الآيات من إبراء الأكمه والأبرص، ولذا ((قَالَ )) لهم عيسى (عليه السلام) ((اتَّقُواْ اللّهَ ))، أي خافوه فلا تسئلوا سؤال جاهل ذي ريب ((إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) بالله بماله من صفات الكمال التي منها الإستطاعة على مثل هذا الأمر المهين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:30 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
113
((قَالُواْ ))، أي قال الحواريّون ((نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا ))، أي من المائدة ((وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا )) أما الإطمئنان بأصل المبدء وأنك رسوله، أو الإطمئنان بالرؤية كما قال الخليل (عليه السلام) (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) ((وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا )) بما أخبرت من الشريعة، وهذا محتمل أيضاً لإرادة العلم العياني ولإرادة أصل العلم لكونهم في شك ((وَنَكُونَ عَلَيْهَا ))، أي على المائدة ((مِنَ الشَّاهِدِينَ)) الذين يشهدون لمن غاب بأنه نزلت المائدة ورأيناها عيناً .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
114
((قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ )) داعياً الله سبحانه ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا )) وكان الإتيان بلفظ الرب للمبالغة في الدعاء، أنت الذي ربّيتنا فتفضّل علينا بتتميم التربية ((أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء ))، أي خواناً عليه طعام يأتي من طرف العلو ((تَكُونُ )) المائدة ((لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ))، أي نتّخذ ذلك اليوم الذي تنزل المائدة عيداً، فإنّ الأعياد في الأمم إنما هي بمناسبة ذكريات إنتصارهم، ومن المعلوم أنّ تكريم جماعة بنزول المائدة عليهم من قِبَل الله سبحانه من أعظم الذكريات التي ينبغي أن يُحتفل بها، أول القوم الذين نزلت عليهم، وآخر القوم أي مَن يأتي من بعدهم من أبنائهم ((وَآيَةً مِّنكَ ))، أي دليلاً وعلامة من قِبَلك على التوحيد والنبوّة وما أشبههما ((وَارْزُقْنَا )) من المائدة ((وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)) فإنك تتفضّل بالنِعَم كرماً وجوداً ولا تريد عوضها شيئاً تنتفع به بخلاف الناس إذا أُعطوا شيئاً فإنهم يريدون بدلاً يصل إليهم .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
115
((قَالَ اللّهُ )) سبحانه في جواب عيسى (عليه السلام) ((إِنِّي مُنَزِّلُهَا ))، أي أُنزّل المائدة ((عَلَيْكُمْ)) أيها السائلون لها ((فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ ))، أي بعد إنزالها عليكم ((فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا )) شديداً ((لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ))، أي لا أعذّب مثل ذلك العذاب أحداً من العصاة الذين هم في ذلك الزمان، فإنّ إطلاق (العالمين) غالباً على عالَمي زمان واحد، والسبب في شدة العذاب أنهم كفروا بعدما آمنوا وطلبوا المعجزة وقَبِلَ منهم ولُبّي طلبهم، ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّ المائدة كانت تنزل عليهم فيجتمعون عليها ويأكلون منها ثم ترتفع فقال كبرائهم ومترفوهم لا ندع سفلتنا يأكلون منها معنا فرفع الله المائدة ببغيهم ومُسخوا قِرَدة وخنازير .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
116
تقدّم أنّ الله سبحانه يسأل الأنبياء عن جواب الأمم لهم، ثم ذُكر جملة من معاجز عيسى المقتضية لإيمان الناس به إيماناً عادلاً، لكن النصارى رفعوه فوق مقامه إذ جعلوه إلهاً، ولذا يتوجّه السؤال إليه (عليه السلام) في مشهد القيامة حول هذا الإفتراء الذي نُسب إليه (عليه السلام) حتى يظهر تبرّيه من ذلك، فيكون المجال فسيحاً أمام عقاب من إدّعى ذلك كذباً وبهتاناً، في يوم يجمع الله الرُسُل فيقول : ماذا أُجِبتُم ؟ ((وَإِذْ قَالَ اللّهُ ))، أي يقول، فإنّ المستقبل المتحقّق وقوعه ينزل منزلة الماضي ((يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ ))، أي هل أنتم على نحو الإستفهام التوبيخي لمن إدّعى ذلك، والتقريري بالنفي بالنسبة إلى المسيح (عليه السلام) ((قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ ))، أي سوى الله، لا إنهم لا يعتقدون بإلوهيّة الله تعالى ((قَالَ )) عيسى (عليه السلام) في جواب ذلك : أسبّحك ((سُبْحَانَكَ ))، أي أنزّهك يارب تنزيهاً عن مثل هذا الكلام ((مَا يَكُونُ لِي ))، أي ليس يجوز بالنسبة إليّ ((أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ )) فآمرَ الناس باتّخاذي إلهاً ((إِن كُنتُ قُلْتُهُ ))، أي قلتُ للناس إتّخذوني وأُمّي إلهين ((فَقَدْ عَلِمْتَهُ )) لكن لا تعلم ذلك -على نحو السالبة بانتفاء الموضوع- فلستُ قلته ((تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ))، أي سريرتي فكيف بأقوالي العلانية ((وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ )) وهذا على جهة المقابلة، وإلا فليس لله سبحانه نفس، وقوله (ولا أعلم) لبيان ضراعته (عليه السلام) إليه سبحانه وإلا فلم يكن الكلام مسوقاً إليه ((إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ))، أي تعلم كلّ غيب عن الحواس، ولستُ أنا كذلك فأنت تعلم أني لم أقل (إتّخذوني وأُمّي إلهين) للناس .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
117
ثم بيّن (عليه السلام) ما قاله لقومه زيادة في التبرّي من هذا القول المختلق إليه ((مَا قُلْتُ لَهُمْ))، أي للناس ((إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ )) من الإقرار لك بالعبودية، فقد قلتُ لهم ((أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ )) فأنا وأنتم متساوون في عبادة الله وكونه ربنا وخالقنا ((وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا )) شاهداً أرى أقوالهم وأعمالهم ((مَّا دُمْتُ )) كنتُ ((فِيهِمْ ))، أي في وسطهم ((فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي ))، أي أخذتني مستوفى كاملاً إلى السماء -وقد سبق وجه ذلك- ((كُنتَ أَنتَ )) ياإلهي ((الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ))، أي المراقب لهم فيما يعملون ويعتقدون ويقولون ((وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))، أي شاهد حاضر .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
118
إنّ مبدء القوم هو أنت (ربي وربكم) ومعادهم بيدك وحدك ((إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ )) لا يقدرون على رفع شيء من أنفسهم ولا يقدر غيرك على نجاتهم ((وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ)) القادر ((الْحَكِيمُ)) الذي لا يفعل شيئاً إلا طبق الحكمة والمصلحة، وفي هذا تسليم الأمر لمالكه وتفويض الأمر إلى مدبّره، وهذا التعبير لا ينافي علم عيسى (عليه السلام) بأنهم معذّبون فإنه كما يقول أحدنا لمال أمر أنه بيدك إن شئت فعلت وإن شئت تركت حتى مع علمنا أنه يفعل أحدهما لا محالة، هذا بالإضافة إلى أنّ بعضهم وهم القاصرون قابلون للغفران .
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
119
((قَالَ اللّهُ )) بعد ذلك الحوار في مشهد القيامة ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ )) فلا الكاذب الغالي القائل المسيح إبن الله أو هو الله، ينفعه كذبه، ولا الكاذب الغالي القائل بأنّ المسيح بشر غير نبي ينفعه كذبه، أنه يوم الصدق، وينفع الصادق صدقه ((لَهُمْ ))، أي للصادقين ((جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ))، أي تحت قصورها وأشجارها ((الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )) مما لا نهاية له ((رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ )) بما عملوا في دار الدنيا ((وَرَضُواْ عَنْهُ )) بما أعطاهم من الجزاء والثواب ((ذَلِكَ )) المقام الذي حصلوه عملوا ((الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) الذي لا فوز بعده أعظم منه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:30 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة المائدة
120
إنّ النصارى كذبوا في جعل الشريك لله ((لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )) لا شريك له فيهنّ ولا مَلِك غيره ((وَمَا فِيهِنَّ )) مما يوجد فيهما من إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد أو غيرها ((وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) فلا يمتنع عليه شيء، وما هذه صفته لا يكون له شريك في المُلك .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:31 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
1
ولما كان ختام السورة السابقة أنّ (لله مُلك السموات والأرض) إبتدئت هذه السورة بمثل ذلك الختام ((الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ)) واللام في الحمد للجنس، أي إنّ جنس الحمد لله إذ جميع المحامد راجعة إليه، والسماوات غالباً تأتي بصيغة الجمع بخلاف الأرض التي تأتي مفردة إشعاراً بأكثرية السماوات على الأرض، وإلا فالأرضون أيضاً سبعة كما قال سبحانه (ومن الأرض مثلهنّ) ((وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ))، أي كونهما والظلمة إن كانت عدم مُلكه فمكون الملكة مكوّن العدم لأنّ إعدام الملكات لها حظ من الوجود كما قالوا وقد أتى بالظلمات جمعاً بخلاف النور للتناسب مع الجملة السابقة (السماوات والأرض)، ولعلّ سر الإتيان بصيغة الجمع إنقسام الظلمات حوالي النور فإنّ النور يشقّ طريق الظلمة فتتكوّن بسببه قطعاً، أو باعتبار الكيفية فإنّ الظلمة كلما قربت إلى النور كانت أرق، ثم أظهر سبحانه التعجّب من الذين يتّخذون من دون الله أنداداً كان كل شيء لله سبحانه ((ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ)) بعد كل هذه الآيات والدلائل ((بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ))، أي يسوّونه بغيره ويجعلونه عدلاً وشريكاً ومثيلاً لأشياء أُخر مما لا أثر لها ولم تخلق شيئاً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
2
وحيث أنّ الجو العام في هذه السورة حول العقيدة مبدءاً ومعاداً، والأمور الكونية التي خلقها سبحانه تنتقل الآيات من عقيدة إلى عقيدة، ومن خلق إلى خلق ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ)) أما باعتبار أبينا آدم (عليه السلام) وأما باعتبار خلق كل فرد من التراب والماء فإنّ الإنسان من النطفة وهي من النبات والحيوان وهما من الأرض والماء ((ثُمَّ قَضَى))، أي قدّر وكتب ((أَجَلاً))، اي مدة للإنسان عامة حتى تنقضي أو لكل فرد حيث إنّ لكل فرد مدة لا يتجاوزها ((وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ)) أما تفصيلاً لـ (أجل)، أي إنّ الله سبحانه هو مصدر الأجل المسمّى الذي سُمّي لكل شخص فليس بيده غيره الآجال، واما المراد أنّ البعث الذي هو أجل ومدة لبقاء الإنسان في الدنيا حياً وميتاً عنده فبيده قيام الساعة ((ثُمَّ أَنتُمْ)) أيها البشر ((تَمْتَرُونَ))، أي تشكّون في الله سبحانه، إنه بيده الخلق والموت والبعث لا بيد غيره فكيف تشكّون فيه وتتّخذون غيره شريكاً له.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
3
((وَهُوَ اللّهُ)) لا إله غيره ((فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ))، أي إنّ الخالق والمتصرّف في هذا الكون ليس إلا الله خلافاً لمن كان يجعل للسماء إلهاً خاصاً وللأرض إلهاً غيره، ومعنى (في) الظرفية المجازية، وإلا فليس لله سبحانه مكان، إذ المكان يوجب التحديد، والتحديد يوجب التجزئة، والتجزئة من صفات المصنوع لا الصانع ((يَعْلَمُ سِرَّكُمْ)) الخفي المكتوم أعم مما في الصدور، أو من الأسرار ((وَجَهرَكُمْ)) مقابل ذلك بالمعنيين ((وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ))، أي ما تعملون من الأعمال فإنّ العمل من كسب الإنسان، وفي هذه الآيات ردّ على الدهرية القائلين بقِدَم السماوات والأرض، والثنوية القائلين بإلهين نور وظلمة، والمشركين الذين يجعلون له سبحانه شريكاً، والجُهّال من الفلاسفة الذين يقولون بعدم عموم علمه أو قدرته، ومن أشبههم من العقائد الزائفة حول إله الكون.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
4
ثم أخبَرَ سبحانه عن الكفار الذين تقدّم ذِكرهم في أول السورة، قال ((وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ))، أي معجزة ودليل وبرهان وحُجّة ((مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ)) الدالة على وجوده وصدق رسالتك يارسول الله ((إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ)) لا يقبلونها ولا ينظرون إليها نظر مُنصِف معتبِر.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
5
((فَقَدْ كَذَّبُواْ))، أي الكفار ((بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ)) من القرآن والرسول وسائر الآيات ((فَسَوْفَ)) في القيامة، أو في الدنيا حين ظهور الرسول ووضوح صدقه بالسيطرة والغَلَبة -كما أخبر- ((يَأْتِيهِمْ أَنبَاء))، أي أخبار ((مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ)) من الحق، وفي الآية تهديد كما تقول للمجرم: سوف تعلم إجرامك، تريد أنك تلاقي جزاه، إن كان المراد بـ (سوف) القيامة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
6
ثم حذّرهم سبحانه أن يصيبهم ما أصاب الأمم السالفة حيث كذّبوا وعصوا وعتوا عن أمر ربهم ((أَلَمْ يَرَوْاْ)) إستفهام تذكيري توبيخي، أي ألَم يعلموا -فإنّ الرؤية تُستعمل بمعنى العلم- ((كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ))، أي من الأمم، والقرن أهل كل عصر، وسمّي بذلك لأنّ بعضهم يقترن ببعض، ولذا إختُلف في المدة المراد به لاختلاف الإعتبار ((مَّكَّنَّاهُمْ))، أي تلك الأمم ((فِي الأَرْضِ)) بأن جعلناهم ملوكاً وقادة وساسة ذا عَدد وعُدد وإمكانيات ((مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ)) حيث كانوا هم أكثر تمكّناً منكم، والظاهر أنّ الخطاب خاص بالكفار في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث كان السابقون أكثر تمكّناً منهم، لا يُقال أنّ من المحتمل كون بعض الأمم السالفة أكثر تمكّناً من جميع من يأتي إلى يوم القيامة حتى يكون الخطاب عاماً، لأنّ الجواب ظاهر، إذ قوله (ألَم يروا) ينافي ذلك فإنّ الناس لم يعلموا أخبار هكذا أمة -كما تقولون- بل ما رواه إنما هو أخبار الأمم التي كانت أقوى من الكفار في زمانه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا)) هو من درّ إذا هطل، ومدرار صيغة مبالغة، أي كثرة الهطول حتى عمّهم الخير والبَرَكة والثروة، والمراد بالسماء المطر بعلاقة الحال والمحل، كما قال الشاعر:



وإذا نَزَلَ السماء بأرضِ قومٍ رعيناه وإن كانوا غِضابا

((وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ))، أي مياههما بعلاقة الحال والمحال ((تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ))، أي تحت قصورهم وأشجارهم، أو باعتبار أنّ الماء أسفل من سطح الأرض التي يمشون عليها، وكل ذلك لم يفدهم في بقاءهم وحُسن ذِكرهم ((فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ)) والمراد هلاكهم بذهاب أثَرَهم وانقطاع نسلهم وعَقِبهم وفناء حضارتهم بسبب عصيانهم وكفرهم مقابل الأبياء والصالحين الذين بقوا إلى يوم الناس هذا، وإنّ صلاحهم وحُسن أعمالهم سبب بقاء آثارهم وبقاء مناهجهم ((وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ))، أي خلفناهم من بعدهم أمة أخرى وجماعة آخرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:31 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
7
ثم بيّن سبحانه أنّ هؤلاء الكفار معاندون في كفرهم لا أنهم لم يعلموا الحق ((وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ)) يارسول الله ((كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ))، أي مكتوباً في ورق يشهد لك بصدقك ((فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ))، أي مسّوه بيدهم حتى يتيقّنوا بأنّ ذلك ليس من الشعبذة وستر العيون (( لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا))، أي ما هذا الكتاب ((إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ))، أي سحر ظاهر، فلا يصدّقونك، قالوا نزلت هذه الآية في جماعة من الكفار قالوا: يامحمد لا نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله معه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند الله وأنك رسوله.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
8
((وَقَالُواْ))، أي قال هؤلاء الكفار ((لَوْلا))، أي هلا، ولماذا ما ((أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ))، أي على الرسول مَلَك نشاهده فنصدّق، ثم ردّ الله عليهم مقالتهم بأنه ((وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا)) كما إقترحوه ((لَّقُضِيَ الأمْرُ))، أي إنتهى أمَدَهم وأجَلَهم ((ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ))، أي يُهلكون ويموتون، وذلك لما جرت سُنّة الله أن لا ينزل الملائكة إلى المعاندين إلا وقت موتهم، وهنا سؤال هو: أنّ هذا لا يكون جواباً للكفار -على هذا المعنى- إذ لم يقولوا: فليغيّر الله سنّته بأن يُنزِل المَلَك ويُبقينا حتى نؤمن، وسؤال ثانٍ هو أنه: لماذا جرت سُنّة الله على ذلك أليس إهتداء الناس غاية الخِلقة فما المانع من توفّر أسباب الهداية بإنزال المَلَك، والجواب عن الاول أنّ سُنّة الله جرت على الهلاك عقب مجيء الملائكة كما جرت سُنّته على الإحراق عقيب الإلقاء في النار وليس للكفار هذا الإشكال إذ يقول النبي للكفار: ولماذا تريدون نزول الملائكة؟ ألِلعناد؟ فلا داعي إلى إجابتكم، أم لأنه خارق والإتيان بالخارق موجب للتصديق؟، فقد أتيت بالخوارق أم لأنه خارق خاص؟، فالخارق الخاص لا يلزم إجابته لدى العقل والعقلاء وهذا كما إذا حمل الطبيب شهادة الكلية فيقول له المريض إئتني بشهادة رئيس الحكومة، إنه سؤال سخيف لدى العقلاء، والجواب عن الثاني: أنه سبحانه عَلِمَ عنادهم وأنه لا يفيدهم إنزال المَلَك كما بيّن ذلك في قوله (ولو نزّلنا عليك كتاب) وما كان يمنعهم أن يقولوا إنّ ما يشاهدونه من صورة المَلَك إنما ذلك سحر مبين !.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
9
ثم بيّن سبحانه وجهاً آخر لعدم إجابة إقتراحهم ((وَلَوْ جَعَلْنَاهُ))، أي الرسول ((مَلَكًا)) مُتزَلاً من السماء ((لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً))، أي في صورة رجل فإنّ خلقة البشر لا تستعد لأن يرى المَلَك في صورته، إلا إذا بُدّلت صورته إلى صورة إنسان وواقع مَلَك، وذلك لا يفيد إقتراحهم، فإنّ المَلَك جُرم لطيف لا تراه عين البشر، كما لا يرى الإنسان الهواء ((وَلَلَبَسْنَا)) من اللبس بمعنى الإشتباه ((عَلَيْهِم))، أي على هؤلاء المقترحين بإنزال المَلَك ((مَّا يَلْبِسُونَ))، أي كما يلبسون اليوم على أنفسهم أمر النبي لأنه إنسان مثلهم، كأنّ إنزال الملائكة في صورة البشر موجباً لأن نُلبس نحن عليهم الأمر -مثل لبسهم هذا اليوم- وحاصل جواب الإقتراح أولاً: إنّ المَلَك لا ينزل إلا لأمور خاصة كما نزل في قصة إبراهيم (عليه السلام) ولوط (عليه السلام)، وثانياً: إنّ المَلَك إذا نزل نزل في صورة بشر فيبقى شكّهم على حاله.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
10
ثم قال سبحانه على سبيل التسلية للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ)) إستهزئت بهم أممهم وسخروا منهم، فلستَ أنت بأول رسول يُستهزئ بك ويُقترح عليك إقتراحات على تعنّد وتمسخر ((فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم))، أي فحلّ وأحاط بالساخرين للرُسُل ((مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ))، أي أحاط بهم العذاب الذي هو جزاء سخريتهم، أو المراد أنّ الأنبياء كانوا يوعدونهم بالعذاب فكانوا يسخرون بإيعادهم فحاق بهم العذاب المستهزء به.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
11
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((سِيرُواْ فِي الأَرْضِ))، أي سافروا فيها ((ثُمَّ انظُرُواْ)) إذا مررتم ببلدان الأنبياء وتفكّروا ((كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ))، أي الأمم التي كذّبت أنبيائه كيف أُبيدت ولم تبقَ منهم باقية فإنّ ديار الأمم السابقة حوالي سوريا ولبنان والأردن وفلسطين ومصر كانت باقية وآثار الخسف والهلاك على بعضها وأخبار الهلاك والتدمير كانت عند الناس مشهورة، فإذا سافروا وسألوا علموا ذلك وكان ذلك سبباً لردعهم عن تكذيب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والإستهزاء بالقرآن.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
12
ثم إحتجّ سبحانه على المكذّبين بحجّة أخرى فقال ((قُل)) يارسول الله لهؤلاء المكذّبين ((لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)) إذ لا يتمكّنون أن يُجيبوا بأنها لهم ولا أنها لأصنامهم، وإذ يتحيّرون بالجواب ((قُل)) أنت إنما هي كلها ((لِلّهِ)) فلماذا تتّخذون إلهاً غيره؟ وإذ سبق التهديد والوعيد جاء هنا بالتبشير كي تلين القلوب القاسية بالتهديد مرة والتبشير أخرى ((كَتَبَ))، أي أوجب سبحانه ((عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)) على الخلق واللطف بهم، وإيجاب ذلك من مقتضيات الحكمة فتطلبوا أيها الناس رحمته الواسعة بالإطاعة والإمتثال، إنه إله الكون وراحمهم في هذه النشأة و((لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))، اي جمعاً ينتهي إلى ذلك اليوم فإنّ الناس يجتمعون تدريجاً لا دفعة فكل إنسان يولد في يوم القيامة، فبيده سبحانه المعاد أيضاً ((لاَ رَيْبَ فِيهِ))، أي محل ريب، وإنّ إرتياب المبطلون وإذا كان المبدء والوسط والمعاد بيده تعالى فـ ((الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ))، أي إنّ غير المؤمنين يكونون قد خسروا أنفسهم حيث باعوها واشتروا عوضها العذاب، بينما باع المؤمنون أنفسهم واشتروا بها الجنة والثواب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
13
((وَلَهُ))، أي لله سبحانه ((مَا سَكَنَ)) وهدء ((فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)) أو المراد بما سَكَن، مطلق الأشياء الساكنة والمتحركة، من قولهم: فلان يسكن البلد كذا، أي يستقر فيه، له كل ما استقرّ وحلّ في هذين الزمانين الليل والنهار، أما على الثاني فوجه الكلام واضح، وأما على الأول: فلعلّ التخصيص بالساكن -مقابل المتحرك- لإلقاء الرهبة في النفس حيث إنّ الساكن نفسه يهدء ويسكن إذا صار في محل ساكن لا حسّ فيه ولا حركة ((وَهُوَ السَّمِيعُ)) لأقوال العباد ولكل صوت ((الْعَلِيمُ)) بكل شيء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:32 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
14
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((أَغَيْرَ اللّهِ))، أي هل غير الله سبحانه ((أَتَّخِذُ وَلِيًّا))، اي مالكاً ومولى وربّاً وهو المتّصف بكونه ((فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ))، أي خالقهما ومبدعهما ومنشئهما، إنه من السخافة أن يترك الإنسان الخالق ويتمسّك بذيل المخلوق ((وَهُوَ))، أي الله سبحانه ((يُطْعِمُ)) فإنّ الأطعمة والأرزاق من عنده ((وَلاَ يُطعَمُ))، أي لا يرزقه أحد، فهل من المنطق أن يترك الإنسان الخالق الرازق ويأخذ المخلوق المرزوق الذي ليس بيده أي شيء؟ ((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((إِنِّيَ أُمِرْتُ)) أمرني الله ((أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ)) لله وصدّق بكلماته واتّبع أوامره، وكوني أول مَن أسلَم لعلمي التام بالخالق سبحانه كما قال: إنّي أولّ من أجاهد، وإنّي أول من أسافر، دلالة لامتلاء النفس بذلك الشيء ((وَ)) أمَرَني الله بأن ((لاَ تَكُونَنَّ)) التأكيد للنفي (( مِنَ الْمُشْرِكَينَ)) الذين يجعلون مع الله شريكاً، والظاهر أنّ المراد بالشرك أعم ممن يجعل معه شريكاً مع الإعتقاد به سبحانه، أو بدون الإعتقاد به، والمعنى: إنّي أُمرتُ بالأمرين: الإسلام وعدم الشرك.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
15
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء المشركين ((إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي)) بمخالفة أوامره ((عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ))، أي عذاب يوم القيامة، وإنما قال (أخاف) مع أنه متيقّن أما من جهة التعبير بالخوف حتى عن المتيقّن، كما يقول مَن حُكِمَ عليه بالإعدام: إنّي أخاف الموت، اي أرهبه، وأما لاحتمال النجاة لأنّ رحمته وسعت كل شيء، فمعنى الخوف على هذا الإحتمال.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
16
((مَّن يُصْرَفْ)) العذاب ((عَنْهُ يَوْمَئِذٍ))، أي في ذلك اليوم العظيم ((فَقَدْ رَحِمَهُ)) إذ لا أحد -باستثناء المعصومين- إلا ويكون مستحقاً للعذاب، ولذا كان الصرف عنه بمقتضى الرحمة ((وَذَلِكَ)) الصرف أو الرحم ((الْفَوْزُ)) والفلاح ((الْمُبِينُ)) الواضح الذي لا فوز مثله.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
17
ويستطرد السياق بذِكر بعض صفاته سبحانه في مقابل المعاندين المنكرين ((وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ)) من مسّ، أي أمسك بما هو ضرر من فقر أو مرض أو ما أشبههما ((فَلاَ كَاشِفَ لَهُ))، أي دافع له ((إِلاَّ هُوَ)) فلا أحد مؤثّر في الكون، وإنما العلل تؤثّر في المعلولات بإذن الله سبحانه ((وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ)) غنى أو صحة أو ما أشبههما ((فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ)) أنه القادر المطلق على الخير والشر، أما من سواه فقدرته من قدرته مع أنه ليس له القدرة إلا قدرة ناقصة لبعض الأشياء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
18
((وَهُوَ)) تعالى ((الْقَاهِرُ))، أي الذي يقهر ويغلب، ولازمة القدرة ((فَوْقَ عِبَادِهِ))، أي الجميع تحت تسخيره وسيطرته لا الفوقية المكانية، فإنه أجلّ من الزمان والمكان ((وَهُوَ الْحَكِيمُ)) في أعماله، فليس كونه قاهراً موجباً للخوف من ظلمه كسائر الجبابرة القاهرين ((الْخَبِيرُ)) بما يصدر من العباد، فلا يأخذ أحداً بجُرم أحد كما هو شأن القاهرين من البشر حيث يشتبهون كثيراً لجهلهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
19
في بعض التفاسير أنّ أهل مكة أتوا الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا: أما وَجَدَ الله رسولاً غيرك ما نرى أحداً يصدّقك فيما تقول ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذِكر فأرِنا مَن يشهد أنك رسول الله كما تزعم، فنزلت هذه الآية ((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً))، أي أعظم من حيث الشهادة، حتى آتيكم به دليلاً على صدقي وصحة نبوّتي، إنهم يتحيّرون في الجواب طبعاً، ويفكّرون في أفراد الإنسان العظماء بنظرهم ليقولوا: فلان، لكن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقطع تحيّرهم وتفكّرهم بما علمه الله سبحانه ((قُلِ)) يارسول الله ((اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ))، أي هو شاهد يشهد بصدق نبوّتي، وقد مرّ سابقاً أنّ شهادة الله هو إجراء الإعجاز على يده الكريمة ((وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ)) أنزله تعالى عليّ ((لأُنذِرَكُم بِهِ))، أي أخوّفكم بسببه من العقاب لمن كفر وعصى ((وَمَن بَلَغَ)) عطف على (كم)، أي أنذر به مَن بَلَغه هذا القرآن إلى يوم القيامة، وروي عن الباقر والصادق (عليه السلام): "إنّ (مَن بَلَغ) معناه مَن بَلَغ أن يكون إماماً من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله"، وعليه فهو عطف على الضمير المرفوع في "أنذر"، أي أُنذِر أنا الرسول والأئمة -الذين هم مصداق (مَن بلغ)- للناس ((أَئِنَّكُمْ))، أي هل أنكم أيها السامعون الكفار ((لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى)) إنه إستفهام إنكاري، أي كيف تشهدون بذلك بعد وضوح أدلّة التوحيد وقيام الحجّة والبرهان على بطلان كل شريك، والمراد الشريك مطلقاً لو كان واحداً، وذَكَرَ (آلهة) من باب المورد ((قُل)) أنت يارسول الله إذا لم يعترفوا أولئك بالتوحيد ((لاَّ أَشْهَدُ)) أنا بمثل شهادتكم بالشريك وإنما أنا لا أعتقد إلا إلهاً واحداً ((قُلْ)) يارسول الله ((إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ)) لا شريك له ((وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ))، أي من الأوثان التي تُشركون بسببها وتدخلون أنفسكم في زمرة المشركين من أجلها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
20
ثم ذَكَرَ سبحانه أنّ أهل الكتاب كسائر المشركين يعلمون الحق لكنهم يتجاهلونه ((الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ))، أي أعطيناهم ((الْكِتَابَ)) يُراد به الجنس الأعم من التوراة والإنجيل وغيرهما ((يَعْرِفُونَهُ))، أي يعرفون الرسول ((كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ)) فكما يعرف الشخص إبنه بحيث لا يمكن أن يشتبه بغيره، وكذلك لا يشتبه أهل الكتاب يعرفون الرسول بوصفه ومزاياه الموجودة في كتبهم ((الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ)) بأن باعوها بالكفر، المتعقّبة ((فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)) إنّ عدم الإيمان مترتّب على الخسران، فالخاسر لا يؤمن والرابح يؤمن.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
21
((وَمَنْ أَظْلَمُ))، أي مَن يكون أكثر ظلماً وتعدّياً عن الحق ((مِمَّن افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا)) بأن جَعَلَ له شريكاً وزَعَمَ أنّ الله أمَرَه بذلك كأهل الكتاب وكقسم من المشركين الذين كانوا يقولون أنّ الله أمَرَنا باتخاذ الأنداد والشركاء ((أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ)) كما لو كذّب بالقرآن أو بالرسول أو بالمعاجز، فإنها كلها من آيات الله سبحانه، لكن الكتاب آية صامتة، والرسول آية ناطقة ((إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)) أنهم لا يفوزوا بخير الدنيا ولا سعادة الآخرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:32 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
22
((وَ)) اذكر يارسول الله ((يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا)) وهو يوم القيامة الذي يجمع فيه هؤلاء المشركون وسائر المكذبين ((ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ)) وجعلوا لله شريكاً ((أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ))، أي الشركاء لله الذين زعمتوها، والإضافة إلى (كُم) باعتبار أنهم إتّخذوها كما تُضاف إلى (الله) باعتبار أنه سبحانه المجعول في رد يُفهم فيُقال: شركائي ((الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ)) أنهم شركاء لله سبحانه؟ واستفهام إنكاري للتوبيخ والتقريع.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
23
((ثُمَّ)) بعد هذا السؤال منهم ((لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ))، أي معذرتهم فإنّ الفتنة على معان منها المعذرة، أو هو على سبيل المجاز، أي لم تكن نتيجة فتنتهم بالأصنام إلا التبرّي منها، كما يُقال: لم يكن درسهم وقضائه إلا رشوة وخيانة، يُراد أنّ عاقبتهما كانت الرشوة والخيانة ((إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)) فيحلفون بالله كذباً أنهم ما كانوا مشركين كما إعتادوا في الدنيا أن يحلفوا كذباً حينما يقعون في المشاكل.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
24
((انظُرْ)) يارسول الله إلى حلف هؤلاء ((كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ)) بأنهم ما كانوا مشركين، وهذا أمر يُقصد به التعجيب والإستغراب ((وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ))، أي ضلّت عنهم أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ويفترون الكذب على الله بقولهم هذه شفعائنا عند الله، فلم يجدوها ولم ينتفعوا بها وإنما الأمر لله وحده.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
25
قيل أنّ نفراً من مشركي مكة جلسوا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يقرء القرآن فقال بعضهم لبعض: ما يقول محمد؟ قال: أساطير الأولين مثل ما كنتً أحدّثكم عن القرون الماضية، فنزلت هذه الآية ((وَمِنْهُم))، أي من الكفار المشركين ((مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ))، أي إلى كلامك يارسول الله ((وَ)) لكن حيث أنهم أعرضوا عن الحُجّة بعد ما بيّن لهم ((جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً)) هي جمع كنان وهي ما ستر شيئاً، فإنّ الإنسان إذا أعرض عن الحق غشيت على قلبه غشاوة إذ صار الإعراض له مَلَكة وعادة، ونسبته إلى الله سبحانه باعتبار أنه سبحانه هو الذي جعل الإنسان هكذا، فإنه علّة كل شيء، وإنّ السبب المباشر هو الشخص ((أَن يَفْقَهُوهُ))، أي حتى لا يفقهوه بمعنى لا يفهموه ((وَ)) جعلنا ((فِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)) الوقر هو الثقل في الأذن، فهم كمن لا يسمع حيث أنهم لا يستفيدون من سماعهم ((وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ)) ومعجزة خارقة على نبوّتك وصدقك ((لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا))، أي بتلك الآيات، إذ قدّر أنّ على قلوبهم ما كانوا يعملون ((حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ)) لا يطلبون الحق بل ((يُجَادِلُونَكَ)) ويناقشونك ((يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ))، أي ما هذا القرآن ((إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)) أساطير جمع أسطورة، بمعنى الخرافة، من سطر إذا كتب، يعني ما في القرآن من القصص والأحكام وغيرها ليست إلا أخبار الأقوام السابقة وترهّاتهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
26
((وَهُمْ))، أي هؤلاء الكفار الذين سبق ذكرهم ((يَنْهَوْنَ عَنْهُ))، أي عن النبي، أو القرآن، يعني ينهون الناس عن إتّباع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو القرآن ((وَيَنْأَوْنَ)) من نأى بمعنى تباعد، أي يتباعدون ((عَنْهُ))، أي عن الرسول أو القرآن، فهم يجمعون بين رذيلي الكفر والأمر بالمنكر ((وَإِن))، أي وما ((يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ)) فإنهم لا يضرّون النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بل يضرّون أنفسهم بخزي الدنيا وعذاب الآخرة ((وَمَا يَشْعُرُونَ))، أي لا يعلمون أنهم بذلك يهلكون أنفسهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
27
((وَلَوْ تَرَىَ)) يارسول الله أحوالهم في الآخرة وكيف أنهم يندمون وأفرطوا في دار الدنيا ((إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ))، أي أشرفوا واطّلعوا ووقفوا على حافّتها لدخولها ((فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ))، أي يرجعوننا إلى الدنيا ((وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا)) دلائله وبراهينه ((وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)) بالله والرسول وماء به، وجملتا (لا نكذّب) و(نكون) من مدخول التمنّي والتقدير ياليت لنا إنتفاء التكذيب والكون من المؤمنين.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
28
((بَلْ بَدَا لَهُم))، أي ظهر لهؤلاء الكفار الحق جليّاً بحيث لا مجال لإخفائهم له ((مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ)) في دار الدنيا حيث كانوا يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ولعلّ وجه الإضراب بـ (بل) بيان أنه ليس الأمر على ما قالوه من أنهم لو رُدّوا إلى الدنيا لآمنوا فإنّ التمنّي الواقع منهم يوم القيامة ليس لأجل كونهم راغبين في الإيمان بل لأجل خوفهم من العقاب الذي يعاينوه ((وَلَوْ رُدُّواْ)) إلى الدنيا كما تمنّوا ((لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ))، أي لرجعوا إلى كفرهم وعصيانهم ((وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) في أنهم لو رُدّوا لعملوا صالحاً كما في آية أخرى (ربّ ارجِعون لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت) ولا يخفى أنّ الإنسان إذا كان ذا طبع عنادي لا ينفك عن طبيعته حتى ولو رأى المشاهد العظيمة من عناده كما هو المشاهَد المجرّب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
29
وقد كان هؤلاء الكفار ينكرون المعاد وهم في دار الدنيا ((وَقَالُواْ إِنْ هِيَ))ن أي ما هي ((إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا))، أي الحياة القريبة التي نحن فيها وليس ورائها شيء ((وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)) بعد الموت والبعث هو الإرسال والإحياء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
30
((وَلَوْ تَرَى)) يارسول الله أحوال هؤلاء الكفار يوم القيامة ((إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ))، أي في معرض خطابه وحسابه، كالشخص الذي يقف عند الملك وهو مجرم فإنه في حال يأس واضطراب ما ينطق الملك في حقه من العقاب، ومن المعلوم أنّ الله لا يُرى وليس بجسم ولا له مكان فالمعنى على سبيل المجاز ((قَالَ)) ربهم لهم ((أَلَيْسَ هَذَا)) اليوم الذي كان يخبر به الأنبياء وكنتم تنكرونه ((بِالْحَقِّ)) وهو إستفهام توبيخ وتقريع ((قَالُواْ)) مقرّين مذعنين ((بَلَى)) هو حق((وَرَبِّنَا)) وإنما حلفوا خوفاً فإنّ الخائن يردف كلامه بالحلف إستمالة لقلب المخوف منه وإظهاراً لأنه يوافق كلام المتكلّم ((قَالَ)) الله سبحانه ((فَذُوقُواْ العَذَابَ)) والمراد بالذوق ليست الذائقة اللسانية بل ذوق الجسد فإنه يُطلق عليهما ((بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ))، أي بسبب كفركم، وكان السؤال للإهانة والإذلال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:33 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
31
ثم أخبر سبحانه عن حال هؤلاء الكفار بقوله ((قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ)) المراد بلقاء الله جزائه وعقابه كما يُقال: فلان لقي عمله، أي جزاء عمله وإلا فليس لله مكان يُرى ((حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ))، أي القيامة ((بَغْتَةً))، أي فجأة من بغت يبغت بمعنى فجأ وإنما ذكر ذلك لأنهم في دار الدنيا كانوا لا يحسبون حسابها حتى يستعدوا لها، وهل المراد بالساعة الموت -كما ورد: من مات قامت قيامته- حتى يلائم ما بعده أم المراد القيامة ويكون المراد العذاب الشديد لأنّ عذاب الآخرة أشد من عذاب القبر، إحتمالان ((قَالُواْ))، أي قال هؤلاء الكفار عند معاينة الأهوال والعذاب ((يَا حَسْرَتَنَا)) الحسرة شدة الندم يعني أيتها الحسرة أحضري فهذا وقتك ((عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا))، أي على ما تركنا وضيّعنا في الدنيا من أعمارنا ولم نقدّم عملاً صالحاً ننتفع به في هذا اليوم ((وَهُمْ))، أي هؤلاء الكفار ((يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ)) الوِزر الثقل وحيث أنّ للذنوب ثقلاً تُسمى أوزاراً ((عَلَى ظُهُورِهِمْ)) هذا من باب التشبيه فكما أنّ مَن يحمل ثقلاً على ظهره يكون في تعب وحرج كذلك مَن يحمل ذنباً ومنه عليه دَين ((أَلاَ)) للتنبيه ((سَاء))، أي بئس ((ما يَزِرُونَ))، أي ما يحملون من وِزر بمعنى إثم وحمل خطاءً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
32
((وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا))، أي ليست الحياة القريبة التي إغترّ بها الكفار فعملوا لها وتركوا آخرتهم ((إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ)) اللهو هو ما يُلهي الإنسان عن الجد إلى الهزل، فإنّ الدنيا ليست إلا ألعاباً وملهيات، وإنما كانت كذلك لأنه لا حقيقة لأعمالها فهي فانية زائلة وإذا بالإنسان يرى نفسه ولم يحصل شيئاً وغير خافِ أنّ ذلك بالنسبة إلى الأعمال التي لا تعقب ثمرة صالحة، وإلا فالدنيا مزرعة الآخرة ونِعم متجر العقلاء ((وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ)) اللام للتأكيد، أي إنّ الدار الثانية التي هي الجنة ونعيمها ((خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ)) معاصي الله، وقد جرّد (خير) عن معنى التفضيل، أو بملاحظة أنّ في الدنيا أيضاً خيراً في الجملة، ثم أنها خير للمتقين، أما غيرهم فالدنيا خير لهم ولذا وَرَدَ " "أنّ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" ((أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)) أيها البشر، فإنّ مَن عَقِلَ وأدرك عَلِمَ أنّ الباقي السرمدي الذي لا يشوبه حزن وهَم خير من الفاني المزيج بأنواع المصائب والرزايا.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
33
ثم سلّى سبحانه نبيّه على تكذيبهم إياه وعدم إنصياعهم لأوامره وإرشاده بقوله ((قَدْ نَعْلَمُ)) يارسول الله، و(قد) تُستعمل في المضارع للتحقيق، إلا إنّ الغالب أنها فيه للتقليل ((إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ)) مما سنيبونه إليك من أنّك شاعر وكاهن ومجنون وما أشبه ذلك من السُباب والإستهزاء الذي كانوا يُكيلونه للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((فَإِنَّهُمْ))، أي الكفار ((لاَ يُكَذِّبُونَكَ)) يارسول الله في قرارة نفوسهم لعلمهم أنك صادق، وهذا نوع من التسلية، إذ الإنسان إذا عَلِمَ أنّ عدوّه يُجلّه في قرارة نفسه كان ذلك سلوة له لما عَلِمَه من الإحترام الكامن، قالوا: إلتقى أخنس بن شريف وأبو جهل بن هشام فقال أخنس: ياأبا الحَكَم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا أحد غيري وغيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل: ويحك والله إنّ محمداً لصادق وما كَذَبَ قط ولكن إذا ذَهَبَ بنو قصي باللواء والحجابة والسقاية والندوة والنبوّة فماذا يكون لسائر قريش؟، فنزلت هذه الآية، وروي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) معنى آخر للآية حاصله إنهم لا يُكذّبونك بحُجّة ولا يتمكنون من إبطال ما جئتَ به ببرهان ((وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ)) وهم الكفار الذين ظلموا أنفسهم بالكفر وغيرهم بالمنع عن الإسلام ((بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ))، أي ينكرون آيات الله كما قال سبحانه (وجَحَدوا بها واستيقنتها أنفسهم).
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
34
ثم ذكر سبحانه تسلية للنبي أنه ليس بأول رسول يُكذّب بقوله ((وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ)) ليس تنكير الرُسُل لأنه ليس هناك رسول بكذب، حتى يُنافي قوله (ياحسرةً على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) المفيد لتكذيب كلّ رسول وإنما الكلام حيث جرى مجرى التسلية كان يكفي ذلك الإلماع، إلا أنّ هذا الجنس أيضاً في معرض التكذيب والإزدراء ((فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ))، أي على تكذيب الناس لهم ((وَأُوذُواْ)) أما عطف على (كُذّبوا) أو على (كذّبت) ((حَتَّى أَتَاهُمْ))، أي جائهم ((نَصْرُنَا)) إياهم على المكذّبين، فاصبر أنت يارسول الله حتى يأتيك النصر ((وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ))، اي لا أحد يقدر على تغيير ما أخبر به من نصر الرُسُل وإهلاك أعدائهم ((وَلَقدْ جَاءكَ)) يارسول الله ((مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ))، أي بعض أخبار الرُسُل السابقين كيف نصرناهم على أعدائهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
35
ثم بيّن سبحانه أنّ هؤلاء الكفار لا يؤمنون فلا تتعِب نفسك لأجلهم ولا تحزن، وهنا نكتة بلاغية لا بأس ببيانها، وهي أنّ الألفاظ والجمل وُضعت للمعاني الخاصة، لكنها كثيراً ما تُستعمل لإنشاء مفهومها الموضوع له، لكن يُراد غير ذلك، كما يُستعمل الإستفهام والتعجّب بالنسبة إليه سبحانه، مع العلم أنه لا يجهل شيئاً ولا يتعجّب من شيء، وإنما إستعمال الإستفهام والتعجّب بداعي التحريض أو الردع أو نحوهما، وهكذا الخطاب الغليظ أو الرقيق لأحد قد يُراد به المعنى الموضوع له، وقد يُراد به داعي آخر يفرغ في مثل هذا القالب، فإنّك إذا أردت تنبيه أحد من جيرانك تغلظ لولدك في الخطاب مع أنك لا تريده بالذات، فمثلاً نقول: لو أنك ألقيت النفاية باب الدار لحبستك، فإنك لا تريده بل تنشأ هذا الكلام بداعي زجر الجار عن القيام بمثل هذا العمل، بل قد يكون عمل يُستفاد منه شيء حسب المتعارف، يأتي به الإنسان لغرض آخر، كما لو أردت تأديب ولدك لما إقترفه من عمل سيء فإنك تعمل إلى خادمك وترفسه برجلك -في هدوء- قائلاً: لماذا فعلت هذا الفعل؟ وإنكا لا تريده إطلاقاً وإنما تريد إفهام ولدك أنّ هذا العمل له هذا الجزاء، وعلى هذا الوجه جرى الكلام في هذه الآية الكريمة (وإن كانَ كَبُرَ) إنه سبحانه يريد بيان غلظة قلوب الكفار وعنادهم لكنه يصوغه في إسلوب خطاب للنبي بأنك توسّلت بكل الوسائل من الصعود إلى السماء وجعل النفق في الأرض -مما يتوسّل الناس بهما في مأربهما- فإنّ الكفار لا يؤمنون، كما إنّ قصة موسى (عليه السلام) (أخَذَ برأس أخيه يجرّه)، من هذا القبيل أيضاً ((وَإِن كَانَ)) يارسول الله ((كَبُرَ))، أي عَظُمَ واشتدّ ((عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ))، أي إعراض هؤلاء الكفار عن الإسلام ((فَإِنِ اسْتَطَعْتَ))، أي قدرت ((أَن تَبْتَغِيَ))، أي تطلب وتتّخذ ((نَفَقًا))، أي سرباً ((فِي الأَرْضِ)) تشبيه للمعقول بالمحسوس، فكما أنّ مَن يريد فتح مدينة يتّخذ الأنفاق من خارج المدينة إلى داخلها ثم يدخلها فجأة ليستولي عليها، فكذلك إن تمكّنت أن تصنع مثل ذلك للسيطرة على أرواح هؤلاء وقلوبهم ((أَوْ)) تبتغي وتطلب ((سُلَّمًا))، أي مصعداً ومرقاةً ((فِي السَّمَاء)) لتصعد عليه ((فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ))، أي حُجّة وبرهان، غير ما أنزلنا عليك، وجواب (إن) محذوف، أي فافعل، حُذف لدلالة الكلام عليه، كما تقول: إن تمكّنت أن تتصدّق، وتحذف قولك: فافعل ((وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ))، أي الناس ((عَلَى الْهُدَى)) بأن يُلجئهم إلى قبول الإيمان، لكنه لا يشاء ذلك لأنه حينئذٍ يُبطل الإمتحان والإختبار ((فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)) فإنّ الجاهل هو الذي يظنّ أنّ بالإمكان العادي إجتماع الناس كلهم على أمر، أما العاقل المجرّب فيعلم أنه ما من شيء إلا وفيه خلاف وخصام حتى البديهيّات الأولية كنور الشمس، فإنّ السوفسطائيين ينكرونه، ولم يكن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في معرض الجهل حتى يكون الكلام ردعاً له وإنما صيغَ الكلام لداعي تأنيب الكفار حتى إنّ قصد هدايتهم -جداً- يكون من أعمال الجاهلين، وهنا سؤال وهو أنه: كيف تقولون في الآيات النازلة بالنسبة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمثل هذه المحامل ولا تقولون في ما أشبهها من الآيات في غيره (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمثل تلك؟، والجواب: القرينة الخارجية وهي أنّ النبي معصوم أوجبت ذلك كما إنّ القرينة الخارجية أوجبت حمل الإستفهام من الله تعالى على معنى آخر بينما الإستفهام من غيره سبحانه يحمل على معناه الحقيقي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:33 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
36
إنّ الذين يستجيبوك يارسول الله هم أحياء، لم يمُت الضمير في أجوافهم والذين يكفرون أنهم أموات، فكما أنّ الميت لا يسمع ولا ينتفع كذلك هؤلاء ((إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ))، أي يقبل الإيمان مَن كان حيّاً يسمع ((وَالْمَوْتَى)) لا سماع لهم حتى ((يَبْعَثُهُمُ اللّهُ)) في الآخرة فيسمعون أنهم لا علاج لهم، يقول الشاعر:لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً ولكن لا حياةَ لمن تنادي((ثُمَّ)) بعد البعث والحساب ((إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))، أي يرجعون إلى حُكمه وقضائه، وهذا لتأكيد أنّ الكفار أموات، كقوله (عليه السلام): "ياأشباه الرجال ولا رجال"، فإنّ (ولا رجال) لتأكيد الجملة الأولى.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
37
((وَقَالُواْ))، أي قال الكفار ((لَوْلاَ))، أي هلّا ((نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ))، أي معجزة خارقة ((مِّن رَّبِّهِ)) فإنهم بعدما عجزوا عن مقابلة القرآن، قالوا للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أنزِل علينا مثل عصى موسى وناقة صالح وأشباههما حتى نؤمن بك، فردّهم سبحانه بقوله ((قُلْ)) يارسول الله ((إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً)) كما تقترحون ((وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)) قدرة الله بل إنّ ليس في إنزالها من مصلحة، فإنهم معاندون والمعانِد لا تفيده ألف آية، كما لم تفِد مع فرعون عصى موسى (عليه السلام) ومع قوم صالح (عليه السلام) الناقة ولو لم يكن هؤلاء معاندون كفاهم الكتاب الحكيم، ثم إنّ إتيان آية موسى (عليه السلام) أو ما أشبهها أبعد لقبولهم إذ القرآن الذي هو لسانهم ينسبونه إلى السحر فكيف بالعصى التي ليست من مهنتهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
38
وحيث إنّ جو هذه السورة حول التوحيد وشؤونه والآيات الكونية وردع الكفار بمختلف صنوفهم عن عقائدهم الباطلة، بيّن سبحانه بعض مخلوقاته الدالة على وجوده وصفاته الكمالية بقوله ((وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ)) من دبّ يدبّ إذا تحرّك، ثم عمّ كلّ حيوان ولو لم يتحرك، كما إنه يشتمل حيوانات البَر لمقابلته بالطائر، وذَكَرَ (في الأرض) للتعميم ((وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ)) كما إنّ ذِكر (يطير بجَناحَيه) للتعميم أيضاً، والسر أنه كثيراً ما يعبّر بمثل هذا التعبير ويُراد به العموم مبالغة، فإذا جاء القيد أفاد العموم الإستغراقي ((إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)) أيها البشر فإنّ كلّ نوع منها أمّة مستقلة وهي مثلكم في الإبداع ولُطف الصنع ودقّة التركيب ((مَّا فَرَّطْنَا))، أي ما تركنا ((فِي الكِتَابِ))، أي كتاب الكون، فإنّ الكون كتاب الله والموجودات كلماته، وإنما سمّي الكون كتاباً لأنّ الكتاب بمعنى الجمع، مِن كَتَبَ بمعنى جَمَعَ، وهذا الكون قد جمع الأشياء فهو كتاب الله التكويني ((مِن شَيْءٍ)) فهذا الكتاب قد إشتمل على جميع الأشياء ومختلف الأصناف، فهل بعد ذلك يطلب أحداً دليلاً على وجود الله؟ ((ثُمَّ)) هذه الأمم كلها بعد الممات ((إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ))، أي يجمعهم يوم القيامة جميعاً، كما قال (وإذا الوحوش حُشِرت) فهو بدئها وإليه عودها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
39
((وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا))، أي بدلائلنا الدالة على وجودنا وسائر صفاتنا، بعد هذه الدلائل الواضحة ((صُمٌّ)) جمع أصمّ وهو الذي لا يسمع ((وَبُكْمٌ)) جمع أبكم وهو الذي لا يتكلم، فهو كالذي لا يسمع ولا يتكلم حتى يتملّى العلم ويدركه، فإنّ العلم يأتي من الأذن ويخرج من اللسان ((فِي الظُّلُمَاتِ)) فلا يبصر حتى يرى الأشياء، إنّ الكافر مثل هذا الشخص لأنه قد عطّل جوارحه فلا يدرك شيئاً كما لا يدرك الأعمى الأبكم الأصم شيئاً ((مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ))، أي يتركه ولا يجبره على الهداية حتى يضلّ الطريق وذلك بعدما بيّن له الحجّة فلم يقبل بل أعرض عنها -وقد تقدّم معنى ذلك- ((وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) باللُطف الخفي به كما قال سبحانه (والذين اهتدوا زادهم هُدى) و(والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبُلنا).
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
40
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((أَرَأَيْتُكُم))، أي أخبروني، فإنّ (أرأيتَ) بمعنى أخبر، و(كُم) للخطاب، وهو يتغيّر حسب أفراد المُخاطَب وتثنيته وجمعه كقوله سبحانه (أرأيُكَ هذا الذي كرّمتَ عليّ) ((إِنْ أَتَاكُمْ))، أي جائكم ((عَذَابُ اللّهِ)) بأن نزلت صاعقة أو خسفت بكم الأرض أو ما أشبههما -كما حدث في الأمم السابقة- ((أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ))، أي القيامة بأهوالها وعذابها ((أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ)) لكشف العذاب والأهوال عنكم ((إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) في أنّ هذه الأصنام آلهة؟ وهم بفطرتهم يجيبون بالنفي، وإنهم لا يدعون غير الله، بل يدعون الله وحده، وفي ذلك دلالة على بطلان الأصنام وعبادتها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
41
ولذا قال سبحانه ((بَلْ إِيَّاهُ))، أي الله سبحانه ((تَدْعُونَ)) وتقبلون عليه في شدائدكم ((فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ))، أي يرفع الضُر الذي دعوتموه من أجله ((إِنْ شَاء)) الكشف عنكم ((وَتَنسَوْنَ)) في وقت الشدة ((مَا تُشْرِكُونَ)) من دون الله.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
42
ثم بيّن سبحانه أنّ الأمم الماضية لما أتَتهم الرُسُل لوم يؤمنوا يهم أصابتهم أنواع البلاء وإنّ حال هؤلاء كحال أولئك إن لم يؤمنوا ((وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ)) رُسُلنا ((إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ)) يارسول الله فلم يؤمنوا ((فَأَخَذْنَاهُمْ))، أي أخذنا تلك الأمم ((بِالْبَأْسَاء))، أي الفقر والبؤس ((وَالضَّرَّاء))، أي الأوجاع والأسقام ((لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ))، أي: كي يتضرّعوا إلى الله سبحانه، فإنّ الإنسان إذا إبتُلي بالبلاء كان أقرب إلى الله سبحانه، وفي ذلك لُطف بالنسبة إليه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
43
لكنهم لم يتضرّعوا وحتى في هذه الحالة ركبوا العناد وسلكوا سبيل اللجاج ((فَلَوْلا))، أي هلّا -وهو كلمة توبيخ- ((إِذْ جَاءهُمْ))، أي جاء تلك الأمم ((بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ)) وخضعوا لله ((وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ)) سبب إستمرارهم في الكفر والعصيان فلم تجد الهداية إلى قلبهم سبيلاً ((وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) فرأوا أعمالهم حسنة، ولذا ما تركوها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:34 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
44
((فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ))، أي تركوا ما ذكّرناهم من أوامرنا ولم يعملوا بما دعاهم الرُسُل إليه ((فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ)) من النِعَم حيث قد أقبلت الدنيا عليهم من جميع النواحي، بعد تلك البأساء والضرّاء وذلك لأجل إحتمال إفادة التذكير بالنِعَم حتى يشكروا بارئ النِعَم والمتفضّل ((حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ))، أي بما أعطاهم الله من النِعَم واشتغلوا بالتلذّذ ولم يقبلوا أمر الرُسُل، بل صار ذلك سبباً لزيادة طغيانهم وكفرهم ((أَخَذْنَاهُم)) بالهلاك والنِكال ((بَغْتَةً))، أي فجأة ((فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ)) من بَلَسَ إذا تحسّر، أي إنهم متحيّرون آيسون من النجاة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
45
((فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ)) الدابر الأصل، أي إستوصل وانقطع أصل القوم بسبب العذاب ((وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) الذي أهلك الكفار وأراحَ البلاد والعباد منهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
46
ثم إحتجّ الله على الكفار بحجّة أخرى تدلّ على بطلان أصنامهم وأنّ الأمر لله وحده ((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار الذين يُشركون بالله سبحانه ((أَرَأَيْتُمْ))، أي أخبروني، فقد تقدّم أنّ (رأيت) بمعنى أخبرني ((إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ))، أي ذَهَبَ بها فصرتم أصمّ وأعمى ((وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم))، أي سَلَبَ عقولكم حتى صرتم لا تعقلون، أو المراد الطبع عليها حتى تبتعد عن الخير ((مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ))، أي بذلك الشيء المأخوذ منكم، فإنهم يعترفون بأنّ الأصنام لا تتمكّن عن إعادة الأشياء المذكورة ((انظُرْ)) يارسول الله ((كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ))، أي نبيّن لهم في القرآن الآيات الدالّة على التوحيد، وتصريف الآيات توجيهها من صرف إذا أرسل (( ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)) من صَدَفَ بمعنى أعرَضَ، أي يُعرضون عن الحق وعن القائل في الآيات.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
47
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((أَرَأَيْتَكُمْ))، أي أخبروني ((إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ)) بعدما أنذرتُكُم ولم تؤمنوا ((بَغْتَةً)) أو مفاجأة -خُفية- فإنّ الفجأة تلازم الخفية ((أَوْ جَهْرَةً)) علانية بلا فجائة ((هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ)) الكافرون الذين ظلموا أنفسهم والعاصون، والمراد بالهلاك ما يسبّب خسارة الدارَين أما لو كان مؤمن فهلك فإنه لا يخسر إلا الدنيا ويُعوَّض عنها بأ،واع الإنعام، وفي هذا الإستفهام إيقاظ وتنبيه وردع لهم من الظلم، فأيّ أحد يحب أن يهلك إذا أتى العذاب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
48
((وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ)) بالجنة والثواب لمن آمن وأصلح ((وَمُنذِرِينَ)) بالنار والعقاب لمن كفر أو عصى ((فَمَنْ آمَنَ)) بما أمَرَ الله الإيمان به ((وَأَصْلَحَ)) أعماله ((فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) لا في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الآخرة فواضح، وأما في الدنيا فلأنّ الخوف والحزن الحقيقيين ما كانا مع الإنقطاع عن العوض والثواب وما أشبهها، وليس المؤمن كذلك فإنه يعلم أنّ ما يصيبه يعقبه الثواب والأجر، وليس المؤمن كذلك فإنه يعلم أنّ ما يصيبه يعقبه الثواب والأجر، ولذا قال الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء: "هوّنَ ما نَزَلَ بي أنه بعين الله"، والإرتباط بين هذه الآية والآية السابقة واضح فإنّ العذاب لما وُعد به الكفار بيّن إنّ الرُسُل شأنهم التبشير والإنذار.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
49
((وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ))، أي يصيبهم العذاب ((بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ))، أي بسبب فسقهم وخروجهم من طاعة الله سبحانه، ثم لا يخفى أنّ الغالب تفسير الآيات الدالة على العذاب بعذاب الآخرة، مع إنّ الإطلاق خلاف ذلك، فإنّ مَن أعرضَ عن ذكره سبحانه يصيبه العذاب في الدنيا وفي الآخرة، كما قال سبحانه (ومَن أعرَضَ عن ذِكري فإنّ له معيشةً ضنكى) وسببه واضح فإنّ المناهج التي يتّبعها الإنسان مما وضعها غير الله سبحانه لابد وأن تكون منحرفة، وهذا الإنحراف يسبّب الفوضى والإستبداد وما أشبه مما يؤذي الإنسان وينغّص عيشه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
50
إنّ الكفار كانوا يستعظمون كيف يمكن أن يكون إنسان رسولاً بدون أن يكون له مال عريض أو عِلم غيب ذاتي يعينه في أموره وحوائجه، ويرد الله سبحانه عليهم ذلك بأنّ الرسالة لا ترتبط بهذه الأمور وإنما هي هداية ونور ((قُل)) يارسول الله ((لاَّ أَقُولُ لَكُمْ)) أيها الناس ((عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ)) التي يهب لمن يشاء ما يشاء، ومن المعلوم أنه ليس لله سبحانه خزائن بالمعنى المتعارف لدينا، بل خزائنه الأرض والشمس والمعادن وما أشبه، مما تفيض ثروة ومالاً، وفي الحديث القدسي: "إنما خزائني إذا أردت شيئاً أن أقول له كُن فيكون"، والمراد بعدم القبول عدم الوجود، فهو من السالبة بانتفاء الموضوع ((وَلا)) أقول ((أَعْلَمُ الْغَيْبَ)) كما يعلم الله سبحانه، بل إنما أعلم مما يوحى إليّ بإذن الله سبحانه، كما قال عيسى (عليه السلام): (وأنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم)، وفي الآية الكريمة: (لا يظهر على غيبه أحداً إلا مَن ارتَضى من رسول) ((وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ)) كما أنكم تتوقعون أن يكون الرسول مَلَكاً ((إِنْ أَتَّبِعُ))، أي ليس لي شأن ((إلاّ)) أن أتّبع و(إنّ) بمعنى "ما" ((مَا يُوحَى إِلَيَّ)) من الأوامر والنواهي لأجل الإرشاد والإصلاح ((قُلْ)) يارسول الله لهم إنّ مَثَل المؤمن والكافر كمَثَل البصير الذي يبصر الأشياء والأعمى الذي لا يبصر و((هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ))؟ ولعلّ تقديم الأعمى لأنّ الخطاب كان مع الكفار الذين هم بمنزلة الأعمى ((أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ)) في الأمر وأنّ مقام الرسالة لا يرتبط بما ذكرتم من الأشياء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
51
((وَأَنذِرْ)) يارسول الله ((بِهِ))، أي بالقرآن، فإنه قد تقدّم ذكره بلفظ (ما يوحى إليّ) ((الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ)) والخوف هنا ليس بمعنى الإحتمال، كقولك: أخاف أن يُهدم البناء، بل بمعنى الخوف القطعي فهو كقولك: أخاف من الجلّاد وهو يريد القتل، والمراد بالذين يخافون المعترفون بالبعث، وإنما قال: أنذِر هؤلاء مع إنّ الإنذار عام، لا هؤلاء هم المنتفعون بالإنذار، أما مَن أعرَضَ فلا ينتفع به ((لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ))، أي دون الله تعالى ((وَلِيٌّ)) يلي أمورهم هناك ((وَلاَ شَفِيعٌ)) وليس المراد أنّ الله يشفع إذ لا معنى لشفاعته، بل المراد أنّ الشفاعة بيده، فلا يشفع أحد إلا بإذنه، كما قال سبحانه: (لا يشفعون إلا لمن ارتضى) ((لَّعَلَّهُمْ)) لكي هؤلاء الذين أنذرتهم ((يَتَّقُونَ)) معاصي الله ويأتمرون بأوامره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:35 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
52
إنّ من يخاف الحساب أنذِرهُ يارسول الله ولا تطرده من عندك وإن طَلَبَ الأشراف ذلك ((وَلاَ تَطْرُدِ)) من مجلسك ((الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ))، أي صباحاً ((وَالْعَشِيِّ)) طرف العصر ((يُرِيدُونَ)) بالدعاء والضراعة ((وَجْهَهُ))، أي ذاته سبحانه خالصاً مخلصاً، وقد ورد أنه مرّ ملأ من قريش على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعنده صُهَيب وخبّاب وبلال وعمّار وسلمان وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يامحمد أرضيتَ بهؤلاء من قومك أفنحنُ نكون تَبَعاً لهم؟ أهؤلاء الذين مَنَّ الله عليهم؟ غطردهم عنك فلعلّك إن طردتهم إتّبعناك، فنزلت الآية، وفي بعض التفاسير أنه طَعَنَ أولئك الأشراف في سيرة هؤلاء الفقراء وأعمالهم كي يستحيلوا الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للنفرة عنهم، فردّ عليهم سبحانه بقوله ((مَا عَلَيْكَ))، أي ليس عليك ((مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ)) فأنت لا تتحمّل تَبِعة سيرتهم ((وَمَا مِنْ حِسَابِكَ)) يارسول الله ((عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ)) فإنهم لا يطالبون بحسابك، بل كلٌّ وعمله -فسيرتهم لو كتنت كما يقولون لا تضرّك- ((فَتَطْرُدَهُمْ)) فإنّ الشخص إنما يطرد من تضرّه سيرته، أما مَن كان قلبه عامراً بالإيمان وصلاته دائمة طرفي النهار فإنّ فقره وسيرته لا يوجبان طرده -لو فُرِضَ أنّ في سيرته ميل- ((فَتَكُونَ)) بسبب طردهم ((مِنَ الظَّالِمِينَ)) لهم، أو لنفسك، فإنّ الإنسان إذا ظلم غيره فقد ظلم نفسه أيضاَ، وسيقت هذه الجملة مبالغَةً في ردع مَن طَلَبَ طلرد أولئك.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
53
((وَكَذَلِكَ))، أي هكذا ((فَتَنَّا))، أي إبتلينا ((بَعْضَهُم بِبَعْضٍ)) حيث إبتلينا الأشراف بالفقراء ((لِّيَقُولواْ)) أولئك الأشراف ((أَهَؤُلاء))، أي هل هؤلاء الفقراء ((مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا)) حتى عمّهم النبي بلطفه وجعلهم ندمائه وموضع سرّه؟، نعم ليس الإسلام ينظر إلى الناس كما ينظر أهل الدنيا ((أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)) إنهم شاكرون والشاكر أفضل من غيره عند الإسلام، وإن كان غيره في نَظَر الناس شريفاً، فإنّ الميزان عند الإسلام التقوى (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
54
والإسلام لا يسدّ الأبواب للعاصي، وإنما يفتح له باب التوبة، وقد ورد أنّ جماعة جائوا إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا: إنّا أصبنا ذنوباً عِظاماً، فلم يردّ عليهم شيئاً فانصرفوا، فنَزَلَ قوله تعالى ((وَإِذَا جَاءكَ)) يارسول الله ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا))، أي بدلائلنا وبراهيننا ((فَقُلْ)) لهم ((سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ))، أي أنتم في سلام لا في عذاب وعقاب، يُقبل عذركم ويغفر ذنبكم ((كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ))، أي إنه فَرَضَ على نفسه -حسب حكمته- أن يرحم العباد ويشملهم بلُطغه وإحسانه ((أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ)) والمراد من الجهالة هنا ليس الجهل مقابل العلم، بل عدم المبالاة، وإنما سُمّي بذلك لأنّ العالم التارك لعلمه هو والجاهل سواء، وكأنه للجهل بالنتائج والعواقب المرتّبة على العمل، وإلا فالآية تشمل العمل بل هو موردها ((ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ))، أي بعد العمل ((وَأَصْلَحَ))، أي عمل صالحاً ((فَأَنَّهُ))، أي الله سبحانه ((غَفُورٌ)) لذنبه ((رَّحِيمٌ)) به، وكأنّ الإتيان بـ (رحيم) بعد (غفور) غالباً لإفادة الفضل في لُطفه وإحسانه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
55
((وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ))، أي كما سبق نفصّل الأدلة والبراهين الدالة على التوحيد وسائر شؤون المبدء والمعاد، نشرحها ونبيّنها حتى يتّضح سبيل المهتدين ((وَلِتَسْتَبِينَ))، أي تظهر ((سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)) المعاندين، فإنّ في بيان الحق وضوح الأمرين سبيل المحقّ وسبيل المبطل، ولفظة (سبيل) مما يجوز التذكير والتأنيث ولذا قال (تستبين) بالتأنيث.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
56
ثم أمَرَ سبحانه رسوله بالبراءة مما يعبدونه المشركون بقوله ((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء المشركين ((إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ)) يعني الأصنام التي كانوا يعبدونها، والمراد بـ (من دون الله) ما خلا عبادة الله، فإنّ النهي أعمّ من عبادة الأصنام وحدها أو بالإشتراك مع عبادة الله، فإنّ عبادة الأصنام إنما أتت من هوى النفس لا من دليل عقلي أو منطقي ((قُل)) يارسول الله لهم ((لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ)) في عبادة الأصنام ((قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا)) إذ أنا فعلتُ ذلك ((وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ)) لو عبدتُ الأصنام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:35 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
57
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ))، أي أمر واضح بيّن لا غموض فيه ((مِّن رَّبِّي))، أي إنّ تلك البيّنة أتتني من جانب الله سبحانه لا مثلكم أتّبع هوى النفس (( وَكَذَّبْتُم بِهِ))، أي بما أنا عليه من الدليل والبيّنة، وقد كان الكفار يطلبون من الرسول -إستهزاءاً- أن يُنزِل بهم العذاب الذي يعدهم، كما قال سبحانه (ويستعجلونك بالعذاب) فردّ عليهم بقوله ((مَا عِندِي))، أي ليس باختياري وأمري ((مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ))، أي الذي تطلبون سرعته ((إِنِ الْحُكْمُ))، أي ليس الحُكم في باب العذاب ((إِلاَّ لِلّهِ)) فهو وحده ((يَقُصُّ الْحَقَّ))، أي يبيّنه ((وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ)) الذي يفصّل الأمور فإذا إقتضت المصلحة أتاكم بالعذاب ويفصّل الأمر وتنتهي المشكلة، ومن المعلوم إنّ إنزال العذاب له مقاييس خاصة وأوقات محدودة، فليس كلّ مَن طَلَبَ العذاب يُجاب فوراً وإن كان من أكثر الناس جُرماً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
58
((قُل)) يارسول الله لهؤلاء الكفار الذين يطلبون سرعة العذاب ((لَّوْ أَنَّ عِندِي))، أي بأمري وإرادتي ((مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ)) من إنزال العذاب بكم ((لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)) إذ أُهلِكَكُم فأستريح منكم لكن ذلك بإذن الله ومشيئته ((وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ)) وبمقتضى عمله يقدّم العذاب تارة ويؤخّره أخرى.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
59
وحيث ذكر علمه سبحانه بالظالمين يأتي السياق ليذكر الكافرين بعلمه سبحانه وقدرته وأعماله في أنفسهم وفي الآفاق، إنها أقوى الأدلة على وجوده وسائر صفاته الكمالية وهل بحاجة بعدها إلى الخوارق التي كانوا يقترحونها لإثبات كلامه (عليه الصلاة والسلام) ((وَعِندَهُ))، أي عند الله سبحانه ((مَفَاتِحُ)) جمع مِفتَح بمعنى المفتاح ((الْغَيْبِ))، أي ما غابَ عن الحواس والمشاعر، فكان الغيب قد سُدّت أبوابه وأُقفِلَت الأبواب فلا يتمكن الإنسان أن يرى ما ورائها وليس بيد الله سبحانه وحده، فهو الذي يعلم الغيب كله ويتمكن أن يفتح تلك الأبواب لمن أراد من خلقه، كما قال: (لا يُظهِر على غيبه أحد إلا مَن ارتضى من رسول) ((لاَ يَعْلَمُهَا))، أي لا يدري ما هي تلك المفاتيح ((إِلاَّ هُوَ))، أي إلا الله سبحانه، وحيث أنّ كشف الغيب يحتاج إلى العلم بالكشف والقدرة على الكشف، وكان المقام مقام بيان عمله سبحانه، قال سبحانه (لا يعلمها) فلا يرد أنّ الأنسب أن يقول: لا يقدر عليها، لا أن يقول (لا يعلمها)، فالأرزاق والآجال وما أشبههما التي تأتي في المستقبل لا يعلمها إلا الله سبحانه ((وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ إِلاَّ يَعْلَمُهَا)) المراد بالبَر: الأعمّ من المدن، والبحر: الأعمّ من الأنهار -بقرينة المقابلة- ((وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ)) من أوراق الأشجار ((وَلاَ)) من ((حَبَّةٍ)) كامنة ((فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ))، أي أجوافها، أو لا تسقط حبّة في باطن الأرض مما تُزلاع أو غيره إلا يعلمها، وقد كان التقابل -بين ما تسقط من ورقة وبين ولا حبّة- لطيفاً جداً، حيث إنّ الأول حركة الحياة إلى الموت والسقوط، والثاني حركة الموت إلى الحياة والإرتفاع ((وَلاَ)) من ((رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ)) من جميع الأشياء والأصناف، وهذا وإن كان أخصّ من الموجودات لأنّ من الأشياء ما لا يتّصف برطوبة ولا يبوسة، يبوسة كالعقل، إلا إنّ العموم يشمله بالفحوى، كثيراً ما يُقال اللفظ الأخص ويُراد الأعم، حيث إنّ الأخص صار مثلاً، كقوله (إن تستغفر لهم سبعين مرة) فإنّ الأكثر داخل بالفحوى ((إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ))، أي إنّ جميع الأشياء محفوظة عند الله سبحانه في كتاب واضح جلي هو اللوح المحفوظ، أو المراد بالكتاب علمه الشامل، ولعلّ التعبير بالكتاب لأجل بيان أنه محفوظ لا يزول كما إنّ الكتاب كذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:36 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
60
((وَهُوَ)) سبحانه كما يعلم الأشياء كذلك تجري الأشياء بقدرته وإرادته، فأنتم أيها البشر تحت قبضته وأمره، فإنه ((الَّذِي يَتَوَفَّاكُم)) أيها البشر ((بِاللَّيْلِ))، أي يقبض أرواحكم عن التصرّف، والتوفّي أخذ الشيء كاملاً ومنه الوفاة، فإنّ الإنسان إذا نام أخَذَ الله روحه المتصرّفة التي تبصر وتسمع وتذوق وتلمس وتشم، وهذه الآية كقوله سبحانه (الله يتوفّى الأنفس حين موتها) وإنما الفرق أنّ الموت توفّي بمعنى أتم من التوفّي بمعنى النوم ((وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم))، أي ما كسبتم وفعلتم، أي عملتم بالجارحة ((بِالنَّهَارِ)) وهذا التفصيل خارج مجرى الغالب، وإلا فهو يتوفّى بالنهار لمن نام فيه، ويعلم ما جَرَحَ الإنسان بالليل لمن عمل فيه ((ثُمَّ)) بعد توفّيكم بالليل ((يَبْعَثُكُمْ))، أي يوقظكم وينبّهكم من نومكم ((فِيهِ))، أي في النهار ((لِيُقْضَى))، أي لينتهي ((أَجَلٌ مُّسَمًّى))، أي أمدّكم الذي سمّاه سبحانه في اللوح المحفوظ، يعني إنه إنما يوقظكم في النهار حتى لا يموت الإنسان قبل وقته ((ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ)) بعد تمام المدة وإنتهاء الأمد ترجعون إليه سبحانه في الآخرة، والمراد إلى حسابه، وإلا فليس له سبحانه محل، فإنه منزّه عن الزمان والمكان ((ثُمَّ يُنَبِّئُكُم))، أي يُخبركم -بعد رجوعكم إليه- ((بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) ليُعطي كلّ ذي جزاء جزاءه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
61
((وَهُوَ)) سبحانه ((الْقَاهِرُ))، أي القادر الذي قهر ويجبر كما يشاء ((فَوْقَ عِبَادِهِ))، أي مستعلي عليهم، فإنّ من يتصرّف في الإنسان يكون فوقه رتبة، وليس المراد الفوقية الحقيقية، فإنه منزّه عن المكان ((وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً)) جمع حافظ، وهم الملائكة الذين يبعثهم الله تعالى لحفظ الإنسان عن العطب، وحفظ أعماله في دفاتر سجلات ليجزي كلّاً حسب ما عمل ((حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)) وصار وقت أن يموت تركه الحافظ له وأسلمه إلى حتفه ((تَوَفَّتْهُ))، أي قبضت روحه كاملة ((رُسُلُنَا))، أي الملائكة المرسلة لأجل هذه الغاية ((وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ)) بأن يقدّموا أخذ الروح أو يؤخروه، أو يشدّدوا في الفزع أو يخفّفوا بل يفعلون ما يُؤمرون، وإنما أتى بلفظ (رُسُلنا) جمعاً لأنّ لمَلَك الموت أعواناً كما ثَبَتَ من السنّة، ولعلّ في قوله (الذين توفّاهم الملائكة) دلالة عليه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
62
((ثُمَّ)) بعدما أخذت الملائكة أرواحهم ((رُدُّواْ))، أي رجعت أرواحهم ((إِلَى اللّهِ))، أي في المكان المهيّأ لهم من قِبَله سبحانه ((مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ))، أي سيّدهم بالحقيقة لا مثل سيادة الأصنام عليهم ((أَلاَ)) فلينتبه الناس أنّ ((لَهُ)) وحده ((الْحُكْمُ)) في جميع الأمور الكونية، حتى قَبَضَ أرواحهم ومحاسبتهم هناك ((وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)) وحسابه سريع لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه حساب المحاسِبين من الوقت ونحوه، فليس هناك بطوء في الحساب حتى يكون للمحاسِب مجال وسيع حتى يتم حسابه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
63
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار تدليلاً على قدرته سبحانه الكاملة ((مَن يُنَجِّيكُم)) ويخلّصكم ((مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))، أي من شدائدهما وأهوالهما، فإنهم يقولون لليوم الشديد يوم مظلم، تشبيهاً، فكما إنّ الإنسان لا يهتدي طريقه في الليل والظلمة كذلك لا يهتدي طريقه في الشدائد ((تَدْعُونَهُ))، أي تدعون الله تعالى إذا وقعتم في الشدة والظُلمة ((تَضَرُّعاً)) ضراعة واستكانة بلسانكم ((وَخُفْيَةً)) وسراً في نفوسكم، فتوافق الظواهر والبواطن في الضراعة والمسألة لإنجائه سبحانه إياكم، قائلين ((لَّئِنْ أَنجَانَا)) الله ((مِنْ هَذِهِ)) الشدة والكارثة ((لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) الذين يشكرون نعمائه علينا معترفين به وبفضله وإحسانه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
64
((قُلِ)) يارسول الله لهؤلاء ((اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا))، أي من هذه الشدة ((وَمِن كُلِّ كَرْبٍ))، أي يخلّصكم من كلّ غمر وهم ((ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ)) به غيره وترجعون إلى شِرككم وعصيانكم كما قال سبحانه (فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يُشركون).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
El-sew3a
professor
professor
El-sew3a


ذكر عدد الرسائل : 3007
عدد النقاط : 200
احترام قوانين المنتدى :
تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Right_bar_bleue

السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 07/08/2008

بطاقة الشخصية
اسم المستعمل: TROY
الوطن : منـــــــــــــــــ السوعه تـــــــــــــدى
الرتبه : مدير

تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير القران الكريم كامل   تفسير القران الكريم كامل - صفحة 6 Emptyالسبت نوفمبر 01, 2008 9:36 am

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
65
((قُلْ)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ))، أي يُرسل ((عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ)) كالصواعق ((أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)) كالخسف ((أَوْ يَلْبِسَكُمْ)) من لَبَسَ عليه الأمر إذا خَلَطَ بعضه ببعض، أي يخلطكم ((شِيَعاً)) جمع شيعة، أي فِرَقاَ مختلفي الأهواء لا تكونون أمة واحدة، بل أحزاباً وأهواء ((وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)) فهم في تعادٍ مستمر وحروب دائمة، وإنما ينسب ذلك إليه سبحانه لأنه يَكِلَهم إلى أمرهم بعد أن أعرضوا عن طريقه وتركوا منهاجه ((انظُرْ)) يارسول الله، والمراد بالنظر التأمّل والتفكّر ((كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ)) نردّد الدلائل على التوحيد ونكرّرها مرة بعد مرة ((لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))، أي يفهموا الحق ويذعنوا بالخالق ويتجنّبوا عن الكفر والباطل.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
66
((وَكَذَّبَ بِهِ))، أي بما نصرّف من الآيات ((قَوْمُكَ)) يارسول الله، والمراد بهم أما قريش وأما العرب وأما الناس المبعوث إليهم بصورة عامة، والمراد بالتكذيب تكذيب أغلبهم لا جميعهم لوضوح إيمان بعض من كل من الطوائف الثلاث به (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين نزول الآية ((وَهُوَ الْحَقُّ))، أي ما نصرّفه من الآيات حق لا مريبة فيه ((قُل)) يارسول الله لهؤلاء الكفار ((لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ))، اي موكول إليّ حتى يضرّني تكذيبكم، بل أنا مبلّغ، وقد بلّغت ما أُمرتُ بتبليغه، ثم بيّن سبحانه أنّ ما أخبر به الرسول من وعيد المكذّبين أنهم خسروا وإنّ تكذيبهم عادَ بالوبال عليهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
67
((لِّكُلِّ نَبَإٍ))، أي لكلّ خبر ((مُّسْتَقَرٌّ))، أي محل إستقرار يظهر هناك صدقه، فما كان في الدنيا يظهر أثره في الدنيا وما كان في الآخرة يظهر أثره في الآخرة ((وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)) أيها المكذّبون عاقبة أمركم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الأنعام
68
إنّ أول كل حركة لابد وأن يختلط المؤمنون بها والمناوئون لها، ولابد وأن يكون ضعاف النفوس من المؤمنين يكتسبون من المعاندين بعض الأفكار المعادية ولا أقل من أن يجبنوا عن الإستمرار والتظاهر، ولذا فمن اللازم أن يجنّب القادة أتباعهم عن الإختلاط خصوصاً حالة التهجّم من المعاندين ((وَإِذَا رَأَيْتَ)) يارسول الله ((الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا)) خوض المناقشة والإستهزاء، والخطاب وإن كان موجَّهاً إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلا أنه عام لجميع المسلمين ((فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ))، أي فاتركهم ولا تجالسهم ((حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ))، أي غير ما خاضوا فيه أولاً بأن يتكلّموا في سائر المواضيع فلا بأس حينئذ في مجالستهم والتكلّم معهم ((وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ)) بأن ينسى المسلم وجَلَسَ مع الخائضين في آيات الله، والجملة شرطيّة، أي وإن أنساك، و(ما) زائدة، ومن المعلوم أنّ الشرط لا ينافي العصمة، فإنّ الجملة الشرطيّة تأتي حتى مع إستحالة طرفيها نحو (إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) ((فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى))، أي بعد التذكّر لكون مجالستهم محرّمة منهيّة ((مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) الذين يخوضون في الآيات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير القران الكريم كامل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 6 من اصل 12انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3 ... 5, 6, 7 ... 10, 11, 12  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
EL-sew3a :: منتدى قصص الانبياء-
انتقل الى: