الرئيس ينصف الإسلام في 7 يناير من كل عام ....

لقد مسح الرئيس الغبار عن الاسلام الصحيح واظهر وجه الدين المضيء وعبر عن شريعته السمحاء في تعاملها مع اهل الكتاب وتوقيرها للديانات السماوية عندما اصدر قراره الحكيم باعتبار السابع من يناير من كل عام وهو الذي يوافق احتفال الاقباط الارثوذكس بعيد الميلاد المجيد عطلة رسمية للمصريين جميعا مسيحيين ومسلمين فهذا القرار تصحيح عادل لوضع تطلع اليه المصريون منذ بدأت اثارته مع مطلع القرن الماضي كذلك فانه يأتي متوافقا مع مناخ وطني جديد يتمتع فيه المصريون بأكبر قدر من الوحدة والتماسك بل والتوافق والاندماج، ولقد فاجأ القرار الجميع في لحظة مناسبة وقبيل اعياد الميلاد بايام قليلة وكأنه ناقوس يدق تحية للمسيحيين والمسلمين علي السواء كما انه يأتي ايضا انعكاسا للمناخ الصحي الذي يتجه نحو المجتمع المصري والذي يفتح امامه ابواب الامل نحو روح العصر الذي نعيشه ويمضي مع ركب الانسانية الذي ننتمي اليه فضلا عن انه تأكيد لشخصية مصر الحديثة ومزاجها المعتدل، ودعني اسوق هنا عددا من الملاحظات التي يثيرها هذا القرار الرائع في هذه الظروف شديدة الحساسية بالغة التعقيد:
أولا: ان الاسلام قد احتفي بالديانتين السماويتين اللتين سبقتاه واعتبر الاعتراف بهما شرطا لاسلام المؤمن وذلك انطلاقا من سماحة الشريعة واستنارة الفقه، ولقد احتفل خلفاء الدول الاسلامية المتعاقبة باعياد المسيحيين بل واليهود ايضا احتراما منهم لشركاء الحضارة وتوقيرا لاشقاء الامة الواحدة كما شهدت عصور الازدهار الاسلامي توجيه مجاملات راقية لأهل الكتاب واهتماما باعيادهم.
ثانيا : ان فلسفة التعامل مع الاقليات العددية والتي هي جزء لايتجزأ من نسيج الاوطان يجب ان تقوم علي منطق رحب من المودة المتبادلة واحترام الخصوصية وتعزيز الشراكة، ولازلت اذكر من سنوات خدمتي الدبلوماسية في 'نيودلهي' ان 'الهند' وهي دولة مايزيد علي المليار نسمة تعتبر 'المولد النبوي' عطلة رسمية تحتفل بها البلاد ذات الغالبية الهندوكية والتي لاتزيد فيها نسبة المسلمين عن نسبة المسيحيين في مصر بل انني لازلت اذكر بالاعزاز والتقدير ان رئيسة وزراء الهند الراحلة 'انديرا غاندي' كانت توجه في ذلك اليوم خطابا الي الامة الهندية يحتوي تقديرا لصاحب الرسالة المحمدية واشادة بدينه الحنيف واسهامه الضخم في تاريخ البشرية وكان ذلك يحدث في وقت اغفلت فيه بعض الدول الاسلامية حينذاك الاحتفال بالمولد النبوي مع ان الغالبية العظمي من شعبها مسلمون!
ثالثا : ان تقاليد الوحدة الوطنية في مصر اشهر من ان تعرف، واكبر من ان تشرح لانها احساس عميق وقر في الضمير المصري منذ قرون طويلة، ولقد صرفت شخصيا جزءا من اهتمامي الدراسي في البحث حول قضية الوحدة الوطنية المصرية واتخذتها موضوعا لاطروحة الدكتوراة التي حصلت عليها من جامعة 'لندن' منذ اكثر من ربع قرن، واكاد المح الان ان تلك الروح الرائعة التي عرفتها الوحدة الوطنية المصرية في فترة ما بين الثورتين '19 1952' تكاد تعود من جديد لتطل علي ارض الكنانة بالمحبة والاستقرار والسلام، فالشأن القبطي اصبح جزءا من الهم الوطني العام لايتحدث فيها المسيحيون وحدهم ولكن يناقشه المصريون جميعا بعقلانية ومودة وفي وضح النهار وليس في كواليس دور العبادة او ثرثرة السهرات المرتجفة، فلم يعد لدي مصر ملفات مغلقة بدعوي حساسيات معينة او اوهام لا مبرر لها.
رابعا : ان قرار الرئيس 'مبارك' يفتح صفحة جديدة امام ابناء الوطن الواحد فعندما يسأل الطفل المصري ابويه عن سبب عطلة ذلك اليوم سوف يشرح له ابواه المستنيران 'ان ذلك مشاركة منك ايها العزيز في عيد الميلاد الذي يحتفل به شقيقك القبطي شريك الحضارة وتوءم النسيج الوطني'، وسوف يتمكن الشاب المسلم من ان ينهي صلاته في المسجد في ذلك اليوم ليخرج الي صديقه او زميله القبطي مهنئا بالعيد في فرحة عارمة وسعادة غامرة وروح انسانية مشتركة افتقدناها طويلا.
خامسا : لقد سبق الرئيس الجميع برؤيته وحكمته فقد كنا نتناقش طويلا حول مشروع قانون نفكر في التقدم به الي البرلمان المصري لتحقيق هذا الهدف الحلم فاذا ولي الامر يكتشف ببصيرته ما يجب قبلنا، ويسبقنا بقراره الذي سوف يبقي في ميزان حسناته دائما، ولعلي اذكر من ينسي ان ذلك اليوم كان لسنوات قليلة عطلة للبنوك وحدها ثم صدر قرار بالغائها دون تفسير فاذا القرار الجديد يتجاوز كل ما سبق ويمثل نقلة نوعية في تعزيز الوحدة الوطنية والتمكين لرسوخها وشموخها في ذات الوقت.
لقد اسرف البعض وكنت في مقدمتهم في المطالبة بدور للمسيحيين العرب في تقديم صورة الاسلام الصحيح امام العالم الغربي خصوصا الولايات المتحدة الامريكية في وقت يتعرض فيه ذلك الدين العظيم لحملة شرسة وظالمة وهجمة ليس لها سند من الماضي او مبرر من الواقع بل هي تقوم علي منطق التعميم الاعمي والتصنيف الجزافي بل والتشويه والاقصاء لمن شاركوهم مسيرة التاريخ الانساني ورحلة الوجود البشري.
وقد كنا نقول دائما ونحن نردد ذلك المطلب علي امتداد العام الاخير اننا نعترف ان العلاقة بين المسلمين والمسيحيين لم تكن رائعة مائة بالمائة في كل الازمنة ولم تكن رخاء سخاء وردية في كل الدول ومع ذلك فاننا نقول ايضا وبمنطق التعايش الامن ان دورنا المشترك كان دائما هو ركيزة البناء الحضاري للوجود الاسلامي العربي لفترة تزيد علي اربعة عشر قرنا، وها هي الاضافة الايجابية التي فاجأنا بها الرئيس 'مبارك' تقدم وجه مصر الحقيقي والتي عبرت علي ارضها رحلة العائلة المقدسة وهي تحمل السيد المسيح، واوي اليها اهل البيت منذ القرن الاول الهجري، وسبقهما معا دور 'موسي' كليم الله في 'الوادي المقدس طوي' ولست اشك في ان مصر الازهر الشريف تشارك الكنيسة القبطية فرحتها في هذه المناسبة الفريدة التي اضاف فيها الرئيس عيدا جديدا لكل المصريين يرتبط بوحدتهم وتماسكهم ويشير الي تضامنهم القوي واخوتهم العميقة، واكاد المح علامات الارتياح علي وجه الامام الاكبر وعلماء الازهر الاجلاء وهم يرون ان تعاليم دينهم الحنيف في رعاية 'اهل الذمة' تأخذ طريقها الصحيح نحو التطبيق العادل، كما ان دقات اجراس الكنائس في عيد الميلاد هذا العام سوف تكون مختلفة لانها لن تخلو من رنة فرح ونغمة رضا ولحن سعادة.
انه يحق الان 'لبطرس بطرس غالي' الامين العام السابق للامم المتحدة ان يفاخر في عالم السياسة والدبلوماسية، ويحق 'لمجدي يعقوب' ان يباهي في الدوائر العلمية والطبية، ويحق 'لرمزي يسي' ان يعتز امام الاوساط الفنية والموسيقية لانهم ينتمون الي مصر الحضارة العريقة التي تستعيد الان روحها الصافية واطلالتها الباسمة.. نعم ان من حقهم ان يتفاخروا وان يتباهوا وان يعتزوا بوطن كانت صناعته دائما عبر التاريخ كله هي بناء الحضارات، وهوايته علي امتداد العصور المتعاقبة هي استقبال الثقافات.. والان ليصمت المتحاملون علي مصر والمزايدون علي شعبها، ولينظروا باحترام الي 'مصر' ذلك الوطن الام، وليشيروا بالتقدير الي رئيسها المنصف المستنير.

شكرا علي الموضوع

مشكوررررررررررررر

thanks 4 your topic

رائع جدااااااااااااا

شكرا علي الموضوع